ولا يخفى ما في كلامه من ضعف :
أمّا أوّلاً : فانّ هؤلاء المتوسّلين عند الضرائح لا يشركون أحداً في الدعاء (الذي هو مخ العبادة) ولا يدعون إلّا الله الواحد القهار ، وإنّما يطلبون من أوليائهم أن يضمّوا دعاءهم إلى دعاء المتوسّلين ، فيشتركوا معهم في دعاء الله لنجاح حاجتهم ، ولو لا ذلك لما كان لطلب الشفاعة معنى ، فانّ الشفاعة مأخوذة من الشفع ـ كما قلنا ـ الذي هو ضد الوتر ، فهو يطلب من وليّه أن ينضمّ إليه في الدعاء ويجتمع معه في العمل فأين ذلك من تشريك غير الله معه في الدعاء؟!.
وثانياً : انّ المسلمين لا يدعون الضرائح بل يطلبون من (صاحب) الضريح أن يشترك معهم في الدعاء لأنّه ذو مكانة مكينة عند الله ، وإن كان متوفياً ، ولكنّه حيّ يرزق عند ربّه ـ بنص الكتاب العزيز ـ وأنّه لا يرد دعاءه لقوله سبحانه في حقّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مثلاً :
(وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (النساء ـ ٦٤)
(وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) (التوبة ـ ١٠٣)
ثمّ إنّه يظهر من ابن تيمية في بعض رسائله (١) ، وتلميذ مدرسته محمد بن عبد الوهاب في رسالة «أربع قواعد» (٢) إنّهما استدلّا على تحريم طلب الشفاعة من غير الله بقوله سبحانه :
(قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) (الزمر ـ ٤٤)
__________________
(١). رسالة «زيارة القبور والاستغاثة بالمقبور» : ١٥٦.
(٢). ص ٢٥ ، راجع كشف الارتياب : ٢٤٠ ـ ٢٤١ وكشف الشبهات لمحمد بن عبد الوهاب : ٨.