وعلى ذلك فالمراد بها غير المساجد بل البيوت المشرّفة التي أذن الله أن تُرفع ، ويُذكر فيها اسمه ، وبيوت الأنبياء والأولياء من أوضح مصاديقها لِما خَصَّ الله هذه البيوت وأهاليها بمزيد الشرف ، والكرامة فقد قال الله عن البيت النبوي وأهله :
(إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب ـ ٣٣).
وهذا البيت نظير بيت إبراهيم حيث قالت الملائكة في شأنه لامرأة إبراهيم :
(أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (هود ـ ٧٣).
ولأجل ذلك نرى العلّامة السيوطي بعد نقل قول ابن عباس نقل عن مجاهد قوله : إنّ المراد ؛ هي بيوت النبي.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة أنّه قال : قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الآية ، فقام إليه رجل فقال : أيّ بيوت هذه يا رسول الله؟ قال : بيوت الأنبياء ، فقام إليه أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها؟ (يعني بيت عليّ وفاطمة) قال : نعم من أفاضلها (١).
هذا عن الأمر الأوّل.
وأمّا المراد من الرفع (هو الأمر الثاني) فهو يحتمل أحد معنيين :
أ) : أذن الله أن ترفع تلك البيوت بالبناء والعمارة للعبادة التي وردت في نفس الآية من ذكر اسمه تعالى فيها ، والتسبيح فيها بالغدوّ والآصال.
ويدل على ذلك قوله سبحانه :
__________________
(١). الدر المنثور في التفسير بالمأثور : ٥ / ٥٠ في تفسير الآية.