مباركين ، كما يصلّون عند المقام الذي هو «حَجَر» شُرّف بملامسة قدمي إبراهيم الخليل لها.
قال سبحانه :
(وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ...) (البقرة ـ ١٢٥).
فليس لاتخاذ المصلّى عند ذلك المقام الشريف سبب إلّا التبرّك بقيام إبراهيم ـ عليه السلام ـ عليه ، وهم يدعون الله عند القبور لشرفها بمن دُفِن فيها فيكون دعاؤهم عندها أرجى للإجابة وأقرب للاستجابة ، كالدعاء في المسجد أو الكعبة أو أحد الأمكنة ، أو الأزمنة التي شرفها الله تعالى.
والحاصل أنّه يكفي في جواز الصلاة الإطلاقات والعمومات الدالّة على أنّ الأرض جُعِلت لأُمة محمد مسجداً وطهوراً.
وأما الرجحان فللتبرّك بالمكان المدفون فيه النبي أو الولي ذي الجاه عند الله ، كالتبرّك بمقام إبراهيم.
أفلا يكون المكان الذي بورك بضمّه لجسد النبي الطاهر ، مباركاً ، مستحقاً لأن تستحب عنده الصلاة وتندب عبادة الله فيه.
والعجب أنّ ابن القيم جاء في كتابه «زاد المعاد» بما يخالف عقيدته ، وعقيدة أُستاذه ابن تيمية إذ قال :
«إنّ عاقبة صبر هاجر وابنها على البعد والوحدة ، والغربة والتسليم إلى ذبح الولد آلت إلى ما آلت إليه من جعل آثارهما ، ومواطئ أقدامهما مناسك لعبادة المؤمنين ، ومتعبدات لهم إلى يوم القيامة وهذه سنته تعالى فيمن يريد رفعه من خلقه» (١).
__________________
(١). زاد المعاد في هَدْي خير العباد ، طبعة البابي الحلبي ، مصر ، مراجعة طه عبد الرءوف طه عام ١٣٩٠ ه ـ ١٩٧٠ م.