وسبأ : أُمم شعيب وسليمان ، فكانوا بين وثنيين وعبدة الشمس (١) وقد ذكرت عقائدهم وطريقة تفكيرهم في القرآن الكريم.
وقد كان عرب الجاهلية من أولاد إسماعيل موحّدين ردحاً من الزمن ، يتبعون تعاليم النبي إبراهيم وولده إسماعيل ـ عليهما السلام ـ ولكن ـ على مر الزمان وعلى أثر الارتباط بالشعوب والأُمم الوثنية ـ حلّت الوثنية محل التوحيد في المجتمع العربي الجاهلي تدريجيّاً (٢).
هذا حال الأُمة العربية العائشة في تلكم النواحي. وأمّا الأُمّة العائشة في مكة وضواحيها المقاربة لعصر الرسول فقد نقل المؤرخون أنّ أوّل من أدخل الوثنية في مكة ونواحيها وروّجها فيها هو : «عمرو بن لحي».
فقد رأى في سفره إلى البلقاء من أراضي الشام أُناساً يعبدون الأوثان ، وعند ما سألهم عمّا يفعلون قائلاً :
ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدونها؟!
قالوا : هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا!
فقال لهم : أفلا تعطونني منها فأسير به إلى أرض العرب فيعبدوه؟
وهكذا استحسن طريقتهم واستصحب معه إلى مكة صنماً كبيراً باسم «هبل» ووضعه على سطح الكعبة المشرّفة ، ودعا الناس إلى عبادتها (٣)!.
ثمّ إنّه لما أصابَ المسلمين مطرٌ في الحديبية لم يبل أسفل نعالهم أي ليلاً ، فنادى منادي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أن صَلّوا في رحالكم ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم صبيحة ليلة الحديبية لما
__________________
(١). قال سبحانه : (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ) (النمل ـ ٢٤).
(٢). وهذا يعطي أنّ الوثنية تمتدّ جذورها في المجتمع العربي الجاهلي إلى زمن بعيد وإن كان دخولها إلى مكة وضواحيها ليس بذاك البعد حسب ما ينقله ابن هشام وغيره من أهل السيرة والتاريخ.
(٣). سيرة ابن هشام : ١ / ٧٩.