صلّى بهم : «أتدرونَ ما قال ربّكم»؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : قال اللهُ عزوجل :
صَبَّح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر ، فأمّا من قال : مُطرْنا برحمةِ الله وفضله فهو مؤمن بالله وكافر بالكواكب ، ومن قال : مُطرنا بنجم كذا وفي رواية بنوء كذا وكذا فهو مؤمن بالكواكب وكافر بي» (١).
وهذان النصّان التاريخيان يثبتان في نفس الوقت بأنّ العرب الجاهليين بعضهم أو كلهم كانوا مشركين في الربوبية ، ومعتقدين بأنّ الأمطار بيد الأصنام فكانوا يستمطرونها ، ويزعمون بأنّها تمطرهم. فاجعل هذا على ذكر منك لأهميته في الأبحاث القادمة.
هذا ويرى بعض الباحثين أنّ «الوثنية» نشأت من تعظيم الشخصيات وتكريمهم وتخليدهم ؛ فعند ما كان يموت أحد الشخصيات كانوا ينحتون له تمثالاً لإحياء ذكراه وتخليد مثاله في أفئدتهم ، ولكن مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال كانت تتحول هذه التماثيل ـ عند تلك الأقوام ـ إلى معبودات ، وإن لم تقترن ساعة صنعها بمثل هذا الاعتقاد.
وأحياناً كان رئيس عائلة يحظى باحترام وتعظيم كبيرين ـ في حياته ـ حتى إذا مات نحتوا له تمثالاً على صورته وعكفوا على عبادته.
وفي اليونان والروم القديمتين كان رب العائلة ورئيسها يعبد من قبل أهله فإذا توفّي عبدوا تمثاله.
وتوجد اليوم في متاحف العالم أصنام وتماثيل لرجال الدين وللشخصيات البارزة الذين كانوا ـ ذات يوم ـ أو كانت أصنامهم تعبد كما يعبد الإله.
__________________
(١). السيرة الحلبية : ٣ / ٢٩.