والملائكة والجن والموجودات الروحية التي كانت تحكي عنها الأصنام المعبودة ، وليس له أيّ دخالة في أمر تدبير الكون وإرادته ، وتصريف شئونه.
إنّ القرآن الكريم ينص ـ بمنتهى الصراحة ـ على أنّ الله هو المدبّر للعالم ، وينفي أيّ تدبير مستقل لغيره سبحانه ، وانّه لو كان هناك مدبّر سواه فإنّما يدبّر بأمره. قال سبحانه :
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (يونس ـ ٣).
وقال تعالى :
(اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) (الرعد ـ ٢).
فإذا كان هو المدبّر وحده فيكون معنى قوله سبحانه :
(فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) (النازعات ـ ٥). وقوله سبحانه : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ..) (الأنعام ـ ٦١). أنّ هؤلاء مدبّرات بأمره وبإرادته ، فلا يُنافي ذلك انحصار التدبير الاستقلالي في الله سبحانه.
ومن كان مُلمّاً بما ورد في القرآن الكريم عرف بأنّه سبحانَه حينما ينسب كثيراً من الأفعال إلى نفسه وفي الوقت نفسه ينسبها إلى غيره في مواضع أُخرى لا يكون هناك أيّ تناقض أو تناف بين ذلك النفي وهذا الإثبات ، لأنّ الحصر على ذاته إنّما هو على وجه الاستقلال ، ولا ينافي ذلك تشريك الغير في هذا الفعل ، بعنوان أنّه مظهر أمره سبحانه ، ومنفِّذ إرادته ، ولأجل أن يظهر هذا النوع من المعارف نأتي بأمثلة في المقام :