وهنا نواجه سؤالا آخر وهو : ان المعروض واقعا بأيّ نظر
__________________
والتقييدية فهو ـ مع الكلام في اصل وجود حيثيّة تعليلية غير مقوّمة في عالم الجعل ـ لا ينفعه في تصحيح الاستصحاب وذلك لما ذكرناه في تعليقتنا المطوّلة على مبحث الشبهات الحكمية في ضوء الركن الثاني ، ولذلك تراه [قدسسره] يعترف بعدم صحّة جريان الاستصحاب في مرحلة الجعل ، وانتقاله إلى مرحلة المجعول.
ولكي يصحّح الاستصحاب في الشبهات الحكمية ادّعى رحمهالله وجود حيثيات تعليلية في عالم الجعل ، ومراده من الحيثيات التعليلية هو انّه بمجرد حدوث الحيض يحرم المسّ حتّى تغتسل مثلا ، ومن التقييدية هي بقاء حرمة المسّ طالما كانت حائضا فقط ، فإذا خرجت من هذه الحالة فانه يجوز ح مسّها ولو لم تغتسل ، وعليه فاذا شككنا في مرحلة المجعول بارتفاع حرمة مسّ المرأة التي نقت ولم تغتسل مثلا فاننا نحتمل كون ((الحيض)) خصوصيّة تعليلية في حرمة مسّها واقعا فنستصحب الحرمة في مرحلة المجعول.
(وهذا) كلام عجيب من جهتين :
الاولى : ما ذكرناه سابقا من كون الشك ناشئا من عالم الجعل ، فيلزم عقلا ان نعالج هذا الشك في المرحلة التي نشأ منها ، لا في مرحلة المجعول الناتجة والمعلولة لمرحلة الجعل ، كما أنّه إذا طرأت نجاسة مثلا على ماء مسبوق بالكريّة فانه لا يصح عقلائيا ان نستصحب طهارة الماء كما قد يتصوّر البعض ، وانما الذي يستصحب هو بقاء وجود مقدار الكرّ في هذا الماء الذي هو سبب لاعتصام الماء وبقائه على الطهارة ، وهذا امر واضح عند العقلاء.
والثانية : بما انّ السيد المصنف [قدسسره] اعترف بعدم صحة جريان الاستصحاب في مرحلة الجعل فهذا يستلزم القول بعدم صحّة جريانه في مرحلة المجعول ايضا ، وذلك لأنّ المجعول ما هو إلّا الجعل مع فعليّة شرائطه ، فإذا لم نستطع على اثبات نفس الجعل [وهو حرمة مسّها بعد نقائها] فكيف نتصوّر استصحاب المجعول؟!