ببطلان مفاد الدليل الظني وزوال (١) كاشفيته فلا يكون دليلا وحجّة لاستحالة الدليلية والحجية لما يعلم ببطلانه. وانما يتحقق التعارض بين دليلين ظنيين ، وهذان الدليلان إمّا ان يكونا دليلين لفظيين او غير لفظيين او مختلفين من هذه الناحية.
فان كانا دليلين لفظيين ـ اي كلامين للشارع ـ فالتعارض بينهما على قسمين :
احدهما : التعارض غير المستقر ، وهو التعارض الذي يمكن علاجه بتعديل دلالة احد الدليلين وتاويلها بنحو ينسجم مع الدليل الآخر.
والآخر : التعارض المستقرّ (٢) ، وهو الذي لا يمكن فيه العلاج ، ففي هذه الحالات يسري التعارض الى دليل الحجيّة (٣) ، لان ثبوت الحجية لكل منهما ـ كما لو لم يكن معارضا ـ يؤدّي الى اثبات كل منهما ونفيه في وقت واحد نظرا الى ان كلّا منهما يثبت مفاد نفسه وينفي مفاد الآخر ، ويبرهن ذلك على استحالة ثبوت الحجتين على نحو ثبوتهما في
__________________
بالدليل القطعي.
(١) معطوفة على «بطلان».
(٢) كما ورد «ثمن العذرة من السحت» و «لا بأس ببيع العذرة».
(٣) اي كدليل حجية خبر الثقة مثلا ، فكأننا نسأل الشارع المقدّس : كيف اعتبرت خبر الثقة حجّة مع ان الاخبار قد تتعارض كما في المثال السابق؟ فيجيب ـ مثلا ـ «ان حجية خبر الثقة ليست مطلقة وانّما هي مقيدة بعدم التعارض ، فلو حصل تعارض يقدّم ما وافق الكتاب وخالف العامّة ...» فهنا رأيت كيف ان الكلام حول تعارض الخبرين بنحو مستقر انتقل الى الحديث عن التعارض في دليل حجية خبر الثقة.