(فان قيل) ألا يأتي هنا نفس ما ذكر في الاجابة الثانية في القسم الاوّل لابطال التمسّك بالعام؟
(كان الجواب) ان ذلك لا يأتي ، ويتّضح ذلك بعد بيان مقدّمة وهي أن المخصّص القائل «لا تكرم فسّاق الفقراء» يكشف عن دخالة قيد في موضوع وجوب الاكرام زائد على الفقر ، غير ان هذا القيد ليس هو ان لا يسمّى الفقير فاسقا ، فان التسمية بما هي ليس لها اثر اثباتا ونفيا ، ولهذا لو تغيّرت اللغة ودلالاتها لما تغيّرت الاحكام ، بل القيد هو ان لا تتواجد فيه الصفة الواقعية للفاسق سواء سمّيناه فاسقا او لا ، وتلك الصفة الواقعية مردّدة بحسب الفرض بين ارتكاب مطلق الذنب او ارتكاب الكبائر خاصّة ، وحيث ان ارتكاب الكبائر هو المتيقّن فنحن نقطع بأن عدم ارتكابها قيد دخيل في موضوع الحكم بالوجوب ، وامّا عدم ارتكاب الصغيرة فنشك في كونه قيدا فيه.
وهكذا نعرف ان هناك ثلاثة عناوين : احدها نقطع بعدم كونه قيدا في الوجوب وهو عدم التسمية باسم الفاسق (١) ، والآخر نقطع بكونه قيدا فيه وهو عدم ارتكاب الكبيرة ، والثالث نشك في قيديّته وهو عدم ارتكاب الصغيرة.
إذا اتّضحت هذه المقدّمة فنقول ان العام في نفسه يثبت وجوب اكرام
__________________
يعلم حال مرتكبي الصغائر فكأنّه لم يرد فيهم حكم اصلا ، فيرجع فيهم إلى عموم «الفقراء».
(١) لان التسمية ليس لها دخل في موضوع الحكم.