ويلاحظ (١) ان الحجية التخييرية لا ينحصر أمرها بحجية الجامع ليقال بأن ذلك خلاف مفاد الدليل ، بل يمكن تصويرها بحجيتين مشروطتين بأن يلتزم بحجيّة كل من الدليلين لكن لا مطلقا ، بل شريطة ان لا يكون الآخر صادقا ، فمركز كل من الحجيّتين الفرد لا الجامع ، ولكن نرفع اليد عن اطلاق الحجيّة لاجل التعارض ، ولا تنافي بين حجيّتين مشروطتين من هذا القبيل ولا محذور في ثبوتهما إذا لم يكن كذب كل من الدليلين مستلزما لصدق الآخر ، وإلّا رجعنا إلى إناطة حجيّة كل منهما بصدق نفسه وهو غير معقول.
فإن قيل : ما دمنا لا نعلم الكاذب من الصادق فلا نستطيع ان نميّز ان ايّ الحجّيتين المشروطتين تحقّق شرطها لنعمل على اساسها ، فايّ فائدة في جعلهما؟
__________________
(١) ويلاحظ على ذلك : انه لا مانع من الالتزام بحجية احد الخبرين بنحو التخيير بين «صلاة الجمعة واجبة» و «صلاة الظهر يوم الجمعة واجبة» ، لكن بشرط تقييد كل دليل بكذب الآخر ، فيصير مفاد كل دليل هكذا «ان كان الدليل الآخر كاذبا فأنا صادق» ، فان آمنّا بامكان هذا النحو من التخيير لم نجد ضرورة للالتزام بما هو خلاف ظاهر الدليلين وهو ان الامر متعلّق بالجامع بين الدليلين. اذن نلتزم بالتخيير والتقييد بكون صدق احدهما متوقفا على كذب الآخر لكن بشرط عدم الوقوع في محذور آخر كما في المتناقضين مثل «صلّ» و «لا تصلّ» فاننا إن قيّدنا «صلّ» بشرط كذب «لا تصلّ» وقيّدنا «لا تصلّ» بشرط كذب «صلّ» ستكون النتيجة الدور ، وبتعبير آخر : إن كان «صلّ» صادقا ف «لا تصلّ» كاذب ، وان كان «لا تصلّ» كاذبا ف «صلّ» صادق وهو دور واضح