إذا عرفت هذا فنقول : قد اختلف أصحابنا في العدد الموجب للتحريم ، فذهب بعضهم إلى أنه خمس عشرة رضعة تامات أو ما كمل له يوم وليلة ، بحيث يرضع كلما تقاضاه أو احتاج اليه. ويؤيده رواية زياد بن سوقة (١) قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : هل للرضاع حد يؤخذ به؟ فقال : لا يحرم الرضاع أقل من يوم وليلة أو خمس عشرة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد ولم يفصل بينهن برضعة امرأة غيرها. وفي معناها أخبار أخر.
وقد يستدل عليه بصحيحة علي بن رئاب (٢) عن الصادق عليهالسلام قال : قلت له : ما يحرم من الرضاع؟ قال : ما أنبت اللحم وشد العظم. قلت : فيحرم عشر رضعات؟ قال : لا لأنها لا تنبت اللحم ولا تشد العظم عشر رضعات فانتفت العشر بهذا الخبر ، فلم يبق الا القول بالخمس عشرة وان لم يذكر صريحا ، إذ لا واسطة بينهما.
وذهب بعض أصحابنا إلى الاكتفاء بعشر رضعات نظرا الى ظاهر الآية الدال على التحريم على العموم ، خصص بما دون العشر قطعا للإجماع عليه فيبقى الباقي. ويؤيده رواية الفضيل بن يسار (٣) عن الباقر عليهالسلام : لا يحرم من الرضاع الا المخبور. قلت : وما المخبور؟ قال : أم تربّى أو ظئر تستأجر أو أمة تسري ثم ترضع عشر رضعات يروّى الصبي وينام.
وصحيحة عبيد بن زرارة (٤) عن الصادق عليهالسلام الى ان قال : قلت فما الذي ينبت
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ٣١٥ بالرقم ١٣٠٤ والاستبصار ج ٣ ص ١٩٣ بالرقم ٦٩٦ وتمام الحديث : ولو ان امرأة أرضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد وأرضعتها امرأة أخرى من لبن فحل آخر عشر رضعات لم يحرم نكاحهما. هكذا في نسخ التهذيب والاستبصار ولا يخفى ان الصواب وجارية بالعطف بالواو وتثنية الضمير في وأرضعتها.
(٢) التهذيب ج ٧ ص ٣١٣ الرقم ١٢٩٨ والاستبصار ج ٣ ص ١٩٥ الرقم ٧٠٤.
(٣) التهذيب ج ٧ ص ٣١٥ الرقم ١٣٠٥ والاستبصار ج ٣ ص ١٩٦ الرقم ٧٠٩.
(٤) التهذيب ج ٧ ص ٣١٣ الرقم ١٢٩٦ والاستبصار ج ٣ ص ١٩٤ الرقم ٧٠١ والكافي ج ٢ ص ٣٩ باب حد الرضاع الحديث ٩ وهو في المرات ج ٣ ص ٤٧٨ وللحديث صدور وذيل لم يتعرض لها المصنف ونحن نذكر ذيله : فقلت فهل يحرم عشر رضعات فقال : ـ