أو لا يقتل بعضكم بعضا ، فإنكم بمثابة نفس واحدة. أو لأنكم إذا قتلتم غيركم قتلتم به قصاصا فيكون قد قتلتم أنفسكم وقيل ان الكلام على ظاهره ، فان الله تعالى كلف بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم ليكون القتل توبة لهم عن ذنوبهم ، ورفع ذلك عن أمة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم رحمة لهم كما أشار إليه بقوله (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) حيث أمر بني إسرائيل بقتل أنفسهم ونهاكم عنه. وعلى هذا ففي الآية دلالة على تحريم قتل الإنسان نفسه ، بل ما يؤدى اليه ولو نادرا وهو كالجرح والضرب ونحوهما. ولو حملنا القتل على ما يعم ذلك فلا اشكال.
ثم بالغ في التحريم بقوله (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) أى القتل ، أو جميع ما تقدم من المحرمات (عُدْواناً وَظُلْماً) افراطا في التجاوز عن الحق وإتيانا بما لا يستحق وقيل أراد بالعدوان التعدي على الغير وبالظلم التعدي على نفسه بتعريضها للعقاب (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً) ندخله إياها ، وقرئ بالتشديد من صلّى ، وبفتح النون من صلى (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) لا عسر فيه ولا صارف عنه.
وبه استدل على أن القتل كبيرة ، لمكان التوعد عليه ، ولو رجع إلى أكل المال بالباطل كان هو أيضا كبيرة.
الثانية : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ. يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ). (البقرة ٢٧٥ ـ ٢٧٩)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ). (آل عمران ١٣١ ـ ١٣٠)