وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (النساء ـ ٣).
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا) ألا تعدلوا ، من أقسط بمعنى صار ذا قسط أي عدل ، أو بمعنى أزال القسط وهو الجور ، وقرئ بفتح التاء على أنّ لا زائدة ، أي ان تجوروا (فِي الْيَتامى) من النساء ، فإنه يطلق عليهن وعلى الذكور أيضا (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ) يعنى ما حل لكم (مِنَ النِّساءِ) لا ما حرم عليكم كما دلت عليه آية التحريم.
واعترض الرازي بأن قوله (فَانْكِحُوا) أمر اباحة فيؤل المعنى الى قوله أبحت لكم نكاح من هي نكاحها مباح لكم ، وهو كلام مستدرك ، سلمنا لكن الآية تصير مجملة لأن أسباب الحل والإباحة غير مذكورة في هذه الآية ، فالأولى حمل الطيب على استطابة النفس وميل القلب ، فتكون عامة ويدخلها التخصيص ، وهو أولى من الاجمال عند التعارض ، لأن العام المخصص حجة في غير محل التخصيص ، والمجمل لا يكون حجة أصلا.
والجواب عن الأول ان ذكر الشيء ضمنا ثم ذكره صريحا لا يعدّ تكرارا كقوله (مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) وعن الثاني ان قوله (ما طابَ لَكُمْ) بمعنى ما حل لكم إذا كان إشارة الى ما بقي بعد إخراج آية التحريم [المعلومة] فلا إجمال.
هذا ، والتعبير عنهن ب «ما» دون من للإشارة الى ان الإناث من العقلاء يجرين مجرى غير العقلاء لما فيهن من نقص العقل.
(مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ثنتين ثنتين وثلاثا ثلاثا وأربعا أربعا ، وهي في محل النصب على البدلية من مفعول انكحوا ، ومعناها المتبادر الى الفهم الاذن لجميع الناكحين الذين يريدون الجمع بين النساء ان ينكح كل واحد منهم ما شاء من العدد المذكور متفقين فيه أو مختلفين ، كقولك اقتسموا هذه البدرة درهمين درهمين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة ، حيث إنّ المراد قسمة المال بين الجماعة على الوجه المذكور ، سواء كانت القسمة متفقة أو مختلفة.