الثالث الصلح
وفيه آيات :
الاولى : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) (النساء : ١١٤).
(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) من متناجيهم ، فإنه يطلق عليه ، كقوله (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ) أو من تناجيهم ، وعلى هذا فقوله (إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ) على حذف المضاف ، أي إلا نجوى من أمر ، ويجوز على الانقطاع ، بمعنى : ولكن من أمر بصدقة ففي نجواه الخير.
وانما قال (فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) مع صدق الحكم كليا ، ويؤيده (١) قوله صلىاللهعليهوآله «كلام ابن آدم كله عليه لا له الا ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله» ، استجلابا للقلوب ، وليكون أدخل في الاعتراف به ، وليخرج عنه الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
والمراد بالمعروف أبواب البر لاعتراف العقول بها ولأن أهل الخير يعرفونها ، وروى ابن بابويه (٢) عن الصادق عليهالسلام في قول الله عزوجل (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ) قال : يعني بالمعروف القرض.
(أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) أو إصلاح ذات البين. وبظاهر الآية استدل الفقهاء على مشروعية الصلح بالمعنى المتعارف ، لظهور كونه إصلاحا بسبب اشتماله على رفع التنازع بين المتخاصمين ، سواء كان على دين أو عين أو منفعة ونحوه.
__________________
(١) الكشاف ج ١ ص ٥٦٤ وفي الشاف الكاف أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم وأبو يعلى والطبراني من حديث أم حبيبة وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير بالرقم ٦٤٣٤ ج ٥ ص ٥٧ فيض القدير مع تفاوت يسير في اللفظ عن (ت ه ك هب) عن أم حبيبة.
(٢) الفقيه ج ٢ ص ٣٢ الرقم ١٢٥ ومثله في الكافي ج ١ ص ١٧١ باب القرض الحديث ٣ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٠٦.