الْحَصِيدِ. وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ. رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ).
(وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) مطرا وغيثا كثير المنافع (فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ) بساتين فيها أشجار وتحتها أنهار ولها أثمار (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) من اضافة الموصوف إلى الصفة ، أي الحب الذي من شأنه أن يحصد ، وهو حب الشعير والبر ونحوه مما يكون كذلك.
(وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ) أي طوالا عاليا في جهة السماء ، يقال جبل باسق أي عال أو حوامل ، من أبسقت الشاة إذا حملت ، فيكون من أفعل فهو فاعل كأينع فهو يانع ولعل افرادها بالذكر لفرط ارتفاعها وكثرة منافها.
(لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) منضود بعضه فوق بعض ، والمراد تراكم الطلع أو كثرة ما فيه من الثمر.
(رِزْقاً لِلْعِبادِ) مفعول له ، أي أنبتنا ذلك لرزقهم. ويجوز أن يكون مصدرا لأن الإنبات رزق أيضا ، أي رزقناهم رزقا. والرزق هو ما للحي الانتفاع به على وجه ليس لغيره منعه منه ، والحرام ليس برزق عندنا.
وفيها دلالة على اباحة جميع ما ينبت بالأرض من النبات واباحة التصرف فيه بما أراد ، فإنها مخلوقة للإنسان لأجل انتفاعه الا ما أخرجه الدليل. وهذه وأمثالها مما دل على الإباحة يستلزم اباحة التكسب بها بالبيع ونحوه.
(وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) أرضا جدبة مقحطة لإنبات فيها (كَذلِكَ الْخُرُوجُ) أي مثل ما أحيينا هذه الأرض الميتة بالماء نحيى الموتى ونخرجهم من قبورهم ، لأن من قدر على أحدهما قدر على الآخر ، فالكاف في محل الرفع على الابتداء ، والخروج خبره والايات الدالّة على الإباحة على الوجه المتقدم كثيرة.