اللحم والدم؟ فقال : كان يقال عشر رضعات.
ويمكن ترجيح القول الثاني ، نظرا إلى انه يوجب تقليل التخصيص في الآية ، والاخبار الدالة على خلافه معارضة بمثلها ، فيتساقطان في العشرة ويبقى حكمها مندرجا تحت عموم الآية ، ولأنه مع تعارض الإباحة والتحريم فالتحريم أقوى ، لقوله صلىاللهعليهوآله «ما اجتمع الحلال والحرام الّا غلب الحرام على الحلال» (١) ، مع ما فيه من الاحتياط.
ولو قيل تحريم الخمس عشرة معلوم بالإجماع وبعض الاخبار ولا إجماع فيما دونه فيبقى على أصل الإباحة. لقلنا ظاهر الآية العموم وانما أخرجنا ما دون العشر الإجماع فيبقى ما عداه على التحريم لعدم صلاحية ما يوجب التخصيص فيه ، مع أن تعليل التخصيص في الآية أولى ، ومن هنا يعلم أن القول بتحريم العشر رضعات قوي.
واعلم أن بعض العامة يكتفي في التحريم بخمس رضعات ، وهو قول الشافعية ، مستدلين عليه بما روته عائشة (٢) عنه صلىاللهعليهوآله «خمس رضعات يحرمن» ، وقد انعقد إجماعنا على خلافه ، فيكون مردودا.
(وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) يريد الإشارة الى ما يحرم بالمصاهرة ، وقدم ما يحرم بالرضاع عليه لأنه بمثابة النسب ، بخلاف المصاهرة فإن تحريمهن عارض لمصلحة الأزواج. وما يحرم بها أم الزوجة وبنتها. والربائب جمع ربيبة ، والربيب ولد المرأة من آخر ، سمي به لأنه يربه كما يرب ولده في غالب الأمر ، فهو فعيل بمعنى مفعول ، وانما لحقه التاء لانه صار اسما.
والتقييد بكونها في حجره نظرا الى الغالب ، ولما فيه من تقوية العلة وتكميلها
__________________
ـ دع ذا وقال ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع. انتهى الحديث.
ولا يخفى عليك ان الحديث على خلاف ما استدل له المصنف أدل حيث نسب التحريم بعشر رضعات الى غيره واعرض عن جواب السائل عن صحة ذلك وعدل من جوابه إلى شيء آخر.
(١) رواه في البحار باب ما يمكن ان يستنبط من الايات والاخبار من متفرقات أصول الفقه ج ١ ص ١٥٣ ط كمپانى عن عوالي اللآلي.
(٢) انظر سنن البيهقي ج ٧ ص ٤٥٤ ـ ٤٥٨ ونيل الأوطار ج ٦ ص ٣٢٩ ـ ٣٣٢.