ولو أفردت ـ بأن قيل ثنتين وثلاثا وأربعا ـ كان المعنى تجويز الجمع بين هذه الاعداد لا التوزيع ، ولو قيل أو دون الواو ، لأفاد الكلام أنه لا يسوغ الاقتسام الّا على أحد أنواع هذه القسمة ، وليس أن يجمعوا بين هذه الأنواع ، بأن يكون بعضهم على تثنية وبعضهم على تثليث وبعضهم على تربيع ، وهو خلاف المطلوب من تجويز الجمع بين أنواع القسمة التي دلت عليه الواو كما عرفت. فلا يرد ما يتخيل ان الآية قد تدل على تجويز الزيادة على الأربع (١) ، لما عرفت من عدم فهمه منها بوجه بل المفهوم منها خلافه.
ومقتضى الآية العموم بالنسبة إلى الحر والعبد ، نظرا الى أن المخاطب المكلفون الشامل لهما ، ومن ثم أجاز مالك من العامة للعبد أن يتزوج بالأربع مطلقا تمسكا بظاهر الآية ، وأكثر الفقهاء على المنع منه نظرا الى أن الآية انما تتناول الأحرار دون المماليك ، فان الخطاب فيها انما يتناول إنسانا متى طاب له امرأة قدر على نكاحها والعبد لا يتمكن من النكاح إلّا بإذن مولاه.
وأيضا فإنّه متى قال (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) وظاهر هذا الخطاب للاحرار. وأيضا قوله (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً) والعبد لا يأكل بل يكون لسيده ، فكذا الخطاب الأول ، لأن الخطابات وردت متتالية على نسق واحد ، فيبعد أن يدخل التقييد في اللاحق دون السابق.
وذهب جماعة من الفقهاء الى أن الآية بعمومها تتناول العبد الا أنهم خصصوا هذا العموم بالقياس ، قالوا أجمعنا على أن الرق له تأثير في نقصان حقوق النكاح كالطلاق والعدة ، ولما كانت العدد من حقوق النكاح وجب أن يحصل للعبد نصف ما للحر.
والذي يذهب إليه أصحابنا أن الآية مخصوصة بالنصوص الواردة عن أصحاب العصمة الذين هم مهبط الوحي واسرار التنزيل ، وقد تظافرت اخبارهم وانعقد إجماعهم على أن العبد انما يجوز له الجمع بين الحرتين أو أربع إماء أو حرة وأمتين.
__________________
(١) انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج ٢ ص ١٤٢.