(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) أى الذين يأخذونه ويتصرفون فيه وانما خص الأكل بالذكر لأنه أعظم منافع المال ، وقد وقع نظير ذلك في القرآن كثيرا ، نحو قوله (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) وقوله (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى) ونحو ذلك مما أريد به مطلق الأخذ والتصرف.
و«الربا» في الأصل الزيادة (١) ، وفي عرف الشارع بيع أحد المثلين بالآخر مع الزيادة. وهو قسمان : ربا الفضل وهو أن يبيع منا من الحنطة بمنين ، وربا النسيئة وهو الذي كان يتعارفونه في الجاهلية ، كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهر قدرا معينا ، ثم إذا حل الدين طلب المديون برأس المال فان تعذر عليه الأداء زادوا في الحق والأجل.
وروى العامة عن ابن عباس (٢) انه كان لا يحرم الا ربا النسيئة ، وكان يقول «لا ربا إلا في النسيئة ويجوز ربي النقد». ولعل حجته فيما ذهب اليه عموم صحة البيع المتناول لبيع الدرهم بالدرهمين نقدا ، وعدم تناول تحريم الربا في الآية لمثله ، فإنه إنما ينصرف الى العقد المخصوص الذي كان معروفا بينهم. وربما (٣) أكد ذلك ما في الاخبار الدالة على أن الربا في النسيئة ، وما روي عنه صلىاللهعليهوآله «لا ربا فيما كان يدا بيد» (٤). ويرده تظافر
__________________
(١) في فقه اللسان ج ١ ص ٣٢٦ ان الربا مصدر فرعى من رف بواسطة رب قلبوا احدى البائين ياء فصار المضاعف ناقصا أصله الزيادة في جسم الربيب بالتربية ثم أطلق على الزيادة وان كانت من غير تربيب وتربيه.
(٢) بل وكذا الخاصة فقد نقله في الخلاف ج ٢ ص ١٩ مسائل الربا المسألة ٦ عن ابن عباس وعبد الله بن الزبير وأسامة بن زيد وزيد بن أرقم وادعى إجماع المسلمين عدا الأربعة المذكورة ومثله في التذكرة ج ١ ص ٣٧٥.
(٣) أخرجه في كنز العمال ج ٤ ص ٦٤ بالرقم ٦٢١ انما الربوا في النسيئة عن حم م ن ه عن أسامة بن زيد وانظر فتح الباري ج ٥ ص ٢٨٥ و ٢٨٦ والدر المنثور ج ١ ص ٣٦٧ و ٣٦٨ والبيهقي ج ٥ ص ٢٨١ و ٢٨٢ ونيل الأوطار ج ٥ ص ٢٠٣ و ٢٠٤
(٤) انظر المصادر التي مرت قبيل ذلك وأخرجه في كنز العمال ج ٤ ص ٦٣ بالرقم ٦١٢ عن حم ق ن ه عن أسامة بن زيد.