ـ والقول الثاني : ما قاله الحسن أنها أسماء للسّور (١) ، لأنّ الله أشار بها ههنا إلى الكتاب. فإمّا أن تكون اسما للمشار إليه أو صفة ، وليس الموضع موضع الصفة لأنها لتحلية الموصوف بالمعاني المخصصة ، ولا معاني لهذه الحروف فتعيّنت أسماء أعلاما.
ـ فإن قيل : فلم لم يعمّ جميع السور بالتسمية؟
قلنا : كما خصّ بعضها بتشريف في المعنى.
فإن قيل : اشتركت سورتان وثلاث في تسمية؟
قلنا : كما يشترك جماعة من الناس في اسم واحد.
فإن قيل : فيجب أن يكون غير السورة ، من حيث كان الاسم غير المسمى؟
قلنا : من يقول ذلك فإنما يقوله في الأشخاص التي حكمها حكم الألفاظ.
ـ والقول الثالث : أنها إشارة إلى أنّ ذلك الكتاب يتألّف من هذه الحروف ، كتأليف كلامهم ، فلو كان من عند غير الله لأتيتم بمثله.
ومعنى الإشارة في (ذلِكَ الْكِتابُ) الموعود إنزاله في الكتب السالفة ، من هذه الحروف.
وقيل : معناه : ذلك الكتاب الموعود بقوله : (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً).(٢)
__________________
(١) أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : الم ، * وطسم* فواتح يفتتح الله بها السور. وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم قال : الم* ونحوها أسماء السور. اه. الدر المنثور ١ / ٥٧ ؛ وتفسير الطبري ١ / ٨٧.
(٢) سورة المزمل : آية ٥ ، وذكر هذا القول القرطبي في تفسيره ١ / ١٥٨.