وقال الأصمّ (١) : يعني ب (ذلِكَ) : ما تقدّم من القرآن ، فقد سبق البقرة سور كثيرة.
ـ قال المبرد (٢) : وأمثال هذا التقدير الذي يقرّ (ذلِكَ) على وضعه أولى من التحول إلى أنّ (ذلِكَ) بمعنى هذا (٣) ، وهما غيران حاضر وغائب.
إلا أنّه جاء أنّ (ذلِكَ) معناه : هذا عن الضحاك (٤) وغيره في الكتاب المونق (٥).
ـ قال أبو عبيدة (٦) : لقيني ملحد مرة فقال : يا أبا عبيدة (الم ذلِكَ الْكِتابُ) ، وهو هذا الكتاب ، فأي شيء ذلك من هذا؟
فقلت : إن قبلت الحجة العربية؟ قال : هات.
__________________
(١) عبد الرحمن بن كيسان ، أبو بكر الأصم ، كان من أفصح الناس وأورعهم ، وله تفسير عجيب ، ومن تلامذته : إبراهيم بن إسماعيل بن عليّة ، وله «المقالات في الأصول» راجع طبقات الداوودي ١ / ٢٧٤ ؛ ولسان الميزان ٣ / ٤٢٧.
(٢) محمد بن يزيد شيخ البصريين في العربية قرأ الكتاب على الجرمي وكمّله على المازني ، أخذ عنه الزجاج ، له كتاب الكامل والمقتضب ، وهما مطبوعان. توفي في الكوفة سنة ٢٨٦ ه.
(٣) وقال أبو حيان : ويصح أن يكون في قوله : (ذلِكَ الْكِتابُ) على بابه فيحمل عليه ، ولا حاجة إلى إطلاقه بمعنى هذا كما ذهب إليه بعضهم. وقال : سمعت الأستاذ أبا جعفر بن إبراهيم بن الزبير شيخنا يقول : (ذلِكَ) إشارة إلى الصراط في قوله : اهدنا الصراط ، كأنهم لما سألوا الهداية إلى الصراط المستقيم قيل لهم : ذلك الصراط الذي سألتم الهداية له هو هذا الكتاب. اه. راجع البحر المحيط ١ / ٣٥ ـ ٣٦.
(٤) الضحاك بن مزاحم كان من أئمة التفسير وسادات التابعين ، حدث عن ابن عباس وسعيد بن جبير ، وكان من أوعية العلم ، توفي سنة ١٠٢ ه.
(٥) أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (ذلِكَ الْكِتابُ) قال : هذا الكتاب.
(٦) اسمه معمر بن المثنى كان من أوسع الناس علما بأخبار العرب وأيامها ، له كتاب «مجاز القرآن» مطبوع ، توفي سنة ٢١٠ ه وقد جاوز التسعين.