قلت : قول خفاف بن ندبة (١) :
٣ ـ فإن تك خيلي قد أصيب صميمها |
|
فعمدا على عين تيممّت مالكا |
٤ ـ وقلت له والرمح يأطر متنه |
|
تأمّل خفافا إنني أنا ذلكا |
(لا رَيْبَ فِيهِ). (١)
إخبار عن كون القرآن حقا وصدقا ، إذ أسباب الشك عنه زائلة ، وصفات التعقيد والتناقض منه بعيدة. والإعجاز واقع ، والهدي حاصل.
والشيء إذا بلغ هذا المبلغ اتصف بأنّه لا ريب فيه ، فيبطل بهذا سؤال من يقول : إنّ المنكرين لا يقال ريبهم بالقول : إنّه لا ريب فيه.
واختصاص المتقين بهداهم على هذا الطريق. وقيل : إنّه على جهة التعظيم لقدرهم ، والإشادة بذكرهم.
(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ). (٣)
أي : بما يغيب عن الحواس ولا يدرك إلا بالعقول ، وقيل : بل المراد أنّهم يؤمنون بالله ورسوله بظهر الغيب لا كالمنافقين الذين (إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا).(٢)
وهذا كقوله تعالى : (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) ، (٣) وقوله : (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ). (٤)
__________________
(١) خفاف بن عمير ، وندبة هي أمه كانت سوداء حبشية ، وهو من الشعراء المخضرمين ، شهد فتح مكة وحنينا وثبت على إسلامه في الردة وبقي إلى زمن عمر بن الخطاب. وهو أحد فرسان قيس وشعرائها المذكورين. والبيتان في مجاز القرآن لأبي عبيدة ١ / ٢٩ ؛ والخزانة ٥ / ٤٤٠ ؛ وتفسير الطبري ١ / ٧٤ ؛ وراجع القرطبي ١ / ١٥٧ ؛ وتفسير الماوردي ١ / ٦٤ ؛ وروح المعاني ١ / ١٠٥ ؛ والعقد الفريد ٦ / ٢٥ وقوله : يأطر متنه : يلوي بدنه.
(٢) سورة البقرة : آية ٧٦.
(٣) سورة ق : آية ٣٣.
(٤) سورة يوسف : آية ٥٢.