وقيل : إنّه على الدّعاء عليهم لا الخبر عنهم ، وقيل : بل المراد ظاهره ، وهو المنع ، ولكن المنع منعان : منع بسلب القدرة ، ومنع بالخذلان ، والذي يجوز على الله منهما الخذلان ، وحبس التوفيق عقوبة لهم على كفرهم ، وإنما لم يجمع السمع لأنّه أجري مجرى المصدر ، أو لأنّه توسط الجمعين فكان جمعا بدلالة القرينة مثل : السموات والأرض ، والظلمات والنور.
(يُخادِعُونَ اللهَ). (٩)
قد يكون المفاعلة من الواحد ، مثل : عافاه الله ، وقاتله ، وعاقبت اللص ، وطارقت النعل.
ومعناه : يعملون عمل المخادع ، وقيل : إنّ المراد مخادعة الرسول والمؤمنين حين يساترونهم ما في قلوبهم ، لأنّ الله لا يخفى عليه السرائر ، ولا يحتجب دونه الضمائر.
وهذا كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) ، (١) أي : يؤذون أولياء الله.
وأصل الخداع : الإخفاء ، ومنه الحديث : «بين يدي الساعة سنون خدّاعة» (٢) لأنّ أمرها يخفى ، يظنّ بها الخصب فتجدب ، والدّهر يقال له : الخدّاع ، لخفاء صروفه وتلوّن خطوبه ، كما قال الأنصاري :
__________________
(١) سورة الأحزاب : آية ٥٧.
(٢) الحديث أخرجه ابن الأثير في النهاية ٢ / ١٤ بلفظ : «تكون قبل الساعة سنون خدّاعة» أي : تكثر فيها الأمطار ويقل الريع ، فذلك خداعها ؛ لأنها تطمعهم في الخصب بالمطر ثم تخلف. وقيل : الخداعة : القليلة المطر ، من خدع الريق إذا جفّ. اه. وقال الفارسي : وأما الحديث فيرون أنّ معناه ناقصة الزكاة قليلة المطر ، وقيل : قليلة الزكاء والريع ، من قولهم : خدع الزمان : قلّ مطره. راجع لسان العرب مادة : خدع ٨ / ٦٦. والحديث أخرجه أحمد في مسنده ٢ / ٣٣٨ ، وانظر الدر المنثور ٧ / ٤٧٥ والفتن والملاحم لابن كثير ١ / ٥٧ ، وقال ابن كثير : إسناده جيد قوي.