ـ وقيل : معناه : ظلمة وغمّة ، كما قال :
١٧ ـ وليلة مرضت من كلّ ناحية |
|
فلا يضيء لها نجم ولا قمر (١) |
ولو أجري المرض على ظاهره لكان أيضا قريبا ، فإنّ القلب جارحة من الجوارح ، يكون سليما وسقيما ، وسويّا وناقصا ، وإنّما داؤه الجهل والفساد ، ودواؤه التعليم والإرشاد ، وأطباؤه الأنبياء ومن بعدهم العلماء.
(فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً). (١٠)
قال السّدي (٢) : وزادهم عداوة الله مرضا ، فحذف المضاف كقوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) ، (٣) أي : من ترك ذكر الله.
وقيل : زادهم الله شرا بما فاتهم من حدود الشريعة وفروضها ؛ لأن من دعي إلى خير فلم يصلحه ازداد شرا إلى شر.
ولهذا قيل : إن القلب الغير التقي كلما هديته للمراشد زدته فسادا ، كالبدن الغير النقي ، كلما غذوته الأطايب زدته سقاما.
وقيل : زادهم مرضا زيادة تأييد الرسول.
وعلى القولين إضافة مرض قلوبهم إلى الله على طريق تسمية المسبب باسم السبب ، إذ الله لما كان هو الذي شرع الدين ، ونصر الرسول ، وهما
__________________
(١) البيت لأبي حيّة النميري ، وهو في البحر المحيط ١ / ٥٣ ؛ والدر المصون ١ / ١٢٩ ؛ وقال محققه : لم أهتد إلى قائله. وهو في بصائر ذوي التمييز ٤ / ٤٩٣ ؛ وروح المعاني ١ / ١٤٩ ؛ واللسان مادة : مرض.
(٢) اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن ، أبو محمد الكوفي الأعور ، صاحب التفسير ، روى عن ابن عباس وأنس وغيرهما ، وعنه الثوري وغيره. أخرج له الجماعة إلا البخاري ، توفي سنة ١٢٧ ه.
(٣) سورة الزمر : آية ٢٢.