(اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ). (١٥)
أي : يجازيهم بالعقوبة على استهزائهم ، وقيل : يرجع وبال استهزائهم عليهم.
وحمله ابن عباس رضي الله عنهما على استدراجهم ، والاستدراج : زيادة النعم على التمادي في الخطيئات.
وقيل : إنهم عوملوا في الدّنيا بأحكام المسلمين ، وإذا دفعوا إلى أشد العذاب كان كاستهزاء بهم.
وروى عديّ بن حاتم في حديث طويل «أنه يفتح لهم باب الجنّة ثمّ يصرفون إلى النّار» (١).
وقيل : إنه على مزاوجة الكلام كقوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها).(٢) قال تميم بن مقبل (٣) :
٢٠ ـ لعمر أبيك لقد شاقني |
|
خيال حزنت له أو حزن |
__________________
(١) أخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : «وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا» وهم منافقوا أهل الكتاب فذكرهم وذكر استهزاءهم. (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) على دينكم. (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) بأصحاب محمد ، يقول الله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) في الآخرة يفتح لهم باب في جهنم من الجنة ثم يقال لهم : تعالوا ، فيقبلون يسبحون في النار ، والمؤمنون على الأرائك ـ وهي السرر في الحجال ـ ينظرون إليهم ، فإذا انتهوا إلى الباب سدّ عنهم فيضحك المؤمنون منهم ، فذلك قول الله عزوجل : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) في الآخرة ويضحك المؤمنون منهم حين غلقت دونهم الأبواب ، فذلك قوله : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ). راجع الأسماء والصفات ص ٦١٦ ؛ والدر المنثور ١ / ٧٨.
(٢) سورة الشورى : آية ٤٠.
(٣) تميم بن أبيّ بن مقبل شاعر مجيد ، وكان يتهاجى مع النجاشي الحارثي ، فغلبه النجاشي. وكان ابن مقبل جافيا في الدين ، وكان يبكي أهل الجاهلية وهو مسلم ، والبيت في ديوانه ص ٢٩٢ ، وأمالي المرتضى ١ / ٥٣.