(فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ). (١٦)
جاءت على سجاعة العربية وإن كان الرابح هو التاجر ، كما قال جرير (١) :
٢٣ ـ تعجّب إذ فاجأني الشيب وارتقى |
|
إلى الرأس حتى ابيضّ مني المسائح |
٢٤ ـ فقد جعل المفروك لا نام ليله |
|
يحبّ حديثي والغيور المشايح |
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً). (١٧)
ـ قال السدي : نزلت في قوم أسلموا ثم نافقوا.
وقال سعيد بن جبير (٢) : نزلت في اليهود ، كانوا ينتظرون مبعث النبي عليهالسلام ، ويستفتحون به ، فذلك استضاءتهم ثم كفرهم به ذهاب نورهم.
ويندفع على التأويلين قول الطاعن : كيف تمثّل المنافق الذي لا نور له بمن أعطي نورا ثم سلب (٣)؟
__________________
(١) جرير بن عطية الخطفي يكنى أبا حرزة أحد فحول الشعراء الأمويين وبينه وبين الفرزدق والأخطل مهاجاة ، وكان هو أشعرهم ، توفي سنة ١١٠ ه. وفي المخطوطة [المسالخ] بدل [المسائح] و [العيون] بدل [الغيور]. والبيتان في ديوان جرير ص ٧٩ ، ويروى [أن ناصى بي الشيب]. وناصاه : نزل في ناصيته ، والمسائح : ما بين المصدغين إلى الجبهة ، والمفروك : من فركته النساء ، أي : أبغضته.
(٢) سعيد بن جبير من كبار أئمة التابعين ومتقدميهم في التفسير والحديث والعبادة والورع أخذ عن ابن عباس وابن عمر وأخذ عنه جماعة من التابعين ، قتله الحجاج لما خرج مع ابن الأشعث على عبد الملك بن مروان سنة ٩٥ ه.
(٣) أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) قال : ضربه الله مثلا للمنافق. وقوله : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) أمّا النور فهو إيمانهم الذي يتكلمون به ، وأمّا الظلمة فهي ضلالهم وكفرهم. انظر تفسير الطبري ١ / ١٤٣.