فلما ألقيت «بين» نصبت ، كما تقول العرب : «هي أحسن الناس قرنا فقدما» (١) ، أي : ما بين قرن فقدم.
(فَما فَوْقَها).
أي : في الكبر من الذباب والعنكبوت ؛ لأنّ إنكار اليهود كان لضرب الله المثل لمهانتها.
وقيل : فما فوقها في الصغر ؛ لأنّ القصد هو التمثيل بالحقير ، فما كان أصغر كان إلى القصد أقرب بل لا تتجاوز فيما زاد به التحقير إلا الى ما هو أحقر وأصغر ، فلا يقال : ما له عليّ درهم ولا عشرة ، ولكن : درهم ولا دانق.
ـ فإن قيل : فكذلك لا يقال : «فوق» والمراد به ما هو دونه؟
قلنا : يقال ، كقولك : فلان قليل العقل ، فيقال : وفوق ذلك.
(يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً).
حيث يحكم عنده بالضلال ، وقيل : حيث أضلّهم عن جنته وثوابه (٢).
وقيل : إضافة الإضلال إلى الله ، وإلى المثل المضروب ـ وإن كان
__________________
(١) وقال الشاعر :
يا أحسن الناس ما قرنا إلى قدم |
|
ولا حبال محبّ واصل تصل |
أراد : ما بين قرن ، فلما أسقط «بين» نصب «قرنا» على التمييز لنسبة «أحسن». راجع القرطبي ١ / ٢٤٣ ؛ ومعاني الفراء ١ / ٢٢.
(٢) يتهرب المؤلف من نسبة الإضلال إلى الله تعالى ، تأثرا بمذهب المعتزلة ، الذين ينزّهم الله عن ذلك ، ويؤولون الآيات الكثيرة الواردة في ذلك. والمعنى عند أهل السنة والجماعة : يخذلهم ولا يوفقهم للهدى.