والأخفش يردّ عليه ويقول : إنّه إذا لم يعد لفظ الأول ألبتة ، وعاد مخالفا للأول شابه ـ بخلافه له ـ المضمر الذي هو أبدا مخالف المظهر ، وهو أحسن ، مثل قولك : زيد مررت إلا به.
كذاك قول كلحبة (١) :
٤١ ـ أمرتكم أمري بمنعرج اللّوى |
|
ولا أمر للمعصيّ إلا مضيّعا |
٤٢ ـ إذا المرء لم يغش الكريهة أو شكت |
|
حبال الهوينا بالفتى أن تقطّعا |
فالفتى غير لفظ المرء ، وهو المرء المذكور ، فكذلك الميثاق والعهد.
(وَكُنْتُمْ أَمْواتاً). (٢٨)
أي : نطفا في أصلاب آبائكم. أو أمواتا في القبور (فَأَحْياكُمْ) فيها للسؤال (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) للبعث ، لأنّ الموت ما كان عن حياة ، إلا أنّ الموت ولا شيء سواء ، فيجوز (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) ، أي : لم تكونوا شيئا لا سيما وهو على مزاوجة الموتة الحقيقة.
(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ). (٢٩)
قصد إلى خلقها. وقال الحسن : ثمّ استوى أمره الذي به تكوّنت الأشياء إلى السماء ، وقيل : ثمّ استوى تقديره إلى السماء ؛ لأنّ القضاء بجميع أحوال العالم ينزل من السماء ، فحذف الأمر والتقدير لدلالة الحال.
وقال الأصم : الاستواء صفة الدخان المحذوف الذي كانت منه السماء. وفيه بعد لمعاندة الظاهر له.
__________________
(١) كلحبة اليربوعي ، شاعر جاهلي اسمه هبيرة بن عبد مناف ، ويقال : كلحبة أمه فهو ابن كلحبة. والبيتان في أنساب الخيل ص ٤٨ ؛ والمفضليات ٣٢ والأول في شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي ٢ / ١٥٦ ؛ وشرح الأبيات للنحاس ١٤٩.