يعني : المسمّيات ، بدليل قوله : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فيما هجس في نفوسكم أنكم أعلم الخلق وأفضلهم.
ـ فإن قيل : كيف أمروا بالإنباء مع العلم أنّهم لا يعلمون؟
قلنا : لأنّ القصد هو التقرير والتنبيه على مكان الحجة ، ولأنّه أمر على الحقيقة ، لأنّه متعلق بشرط كونهم صادقين ، أي : عالمين ، فإذا لم يكونوا عالمين لم يكونوا مأمورين.
وكان القاضي أبو القاسم الداودي (١) يحتج بهذه الآية أنّ علم اللغة أفضل من التخلي للعبادة ، لأنّ الملائكة تطاولت بالتسبيح والتقديس ، ففضّل الله آدم عليهم بعلم اللغات ، فإن كان الأمر على هذا في علم الألفاظ فكيف في المعالم الشرعية والمعارف الحكمية؟
(قالُوا سُبْحانَكَ). (٣٢)
أي : تنزيها لك أن يخفى عليك شيء.
وهو نصب على المصدر كقولك : تسبيحا لك ، وكذلك سائر المصادر العقيمة الغير متصرفة. مثل : معاذ الله وعمرك الله ، وقعدك الله ، وأشباهه ، كلّها يجري مجرى المصادر المتصرفة المطلقة.
(إِلَّا ما عَلَّمْتَنا).
في موضع الرفع ؛ لأنّه استثناء من مجحود.
__________________
(١) انظر ترجمته ص ٣٨ ، ونقل السيوطي عن الطيبي قال : أفادت هذه الآية أنّ علم اللغة فوق التحلي بالعبادة ، فكيف علم الشريعة؟ راجع الإكليل في استنباط التنزيل ص ٢٨. ـ وفي ذلك يقول العلامة الصالح ابن متالي الشنقيطي :
تعلّم اللغات شرعا فضّل |
|
على التخلي لعبادة العلي |
يؤخذ ذا من قوله : وعلّما |
|
آدم الأسماء الزم التعلما |