(أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ). (٣٣)
ألف تنبيه وتقرير ، لا تقريع وتوبيخ ، كأنّه أحضرهم ما علموه ، لأنّ مكانهم أعلى وعلمهم بالله أقوى من أن يخفى عليهم ذلك.
وهو كما قال جرير :
٤٧ ـ ألم يعلم الأقوام أن لست ظالما |
|
بريئا وأنّي للمتاحين متيح |
٤٨ ـ فمنهم رميّ قد أصيب فؤاده |
|
وآخر لاقى صكة فمرنّح (١) |
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ). (٣٤)
قيل : إنّه السجود اللغوي الذي هو التذلل والخشوع ، كما قال زيد الخيل (٢) :
٤٩ ـ بني عامر هل يعلمون إذا غدا |
|
أبو مكنف قد شدّ عقد الدوابر |
٥٠ ـ بجمع تضل البلق في حجراته |
|
ترى الأكم فيها سجّدا للحوافر |
وقيل : إنّه كان تعظيما لآدم لا عبادة.
وقيل : ما كان لآدم فيه من تعظيم ، ولكنّه كان قبلة ، وكان السجود لله ، ولكنه مع هذا لا يخلو عن ضرب من التعظيم.
__________________
(١) البيتان في ديوان جرير ٨٦. والأول منهما في طبقات الشعراء ص ١٤٧ لكن صدره : «ألم ينه عنّي الناس أن لست ظالما» وكذا في الديوان. والمتيح : المتعرض لما لا يعنيه.
(٢) كان يسمى زيد الخيل ، وفد على النبي سنة تسع فسماه زيد الخير ، كان أحد شعراء الجاهلية وفرسانهم ، قال له النبي : ما وصف لي أحد في الجاهلية ، فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون الصفة غيرك ، توفي في خلافة عمر. والبيتان في الكامل ١ / ٢٣٥ ؛ والحماسة البصرية ١ / ٦٢ ، والثاني في حاشية الشيخ زاده على البيضاوي ١ / ٢٥٦ ؛ وتأويل مشكل القرآن ص ٤١٧ ؛ وتفسير الطبري ١ / ٢٨٩ ؛ والبحر المحيط ١ / ٢٦٦ ؛ وتفسير الماوردي ١ / ٩٢. قوله : قد شدّ عقد الدوابر : يريد به عقد دوابر الرمح ، فإنّ الفارس إذا حمي فعل ذلك.