والمرويّ عن ابن عباس في بعض الروايات أنّ إبليس كان ملكا من جنس المستثنى منهم (١).
وعن الحسن : أنّ الملائكة هم لباب الخليقة ، خلقوا من الأرواح الطاهرة ، والأنوار الصافية لا يتناسلون. وإبليس شخص روحاني خلق من نار السّموم ، وهو أبو الجن.
(وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ). (٣٥)
سقطت علامة التأنيث للاستغناء عنها بالإضافة المذكّرة.
وابن بحر (٢) يذهب في الجنّة أنها كانت بحيث شاء الله من الأرض (٣) ، لأنّ جنة الخلد لا انتقال عنها ، ولأنّ إبليس لم يكن ليدخلها حتى يزلهما عنها. والصحيح أنّها كانت جنة الخلد لتواتر النقل ، ولأجل لام التعريف. وقوله :
(وَقُلْنَا اهْبِطُوا). (٣٦)
أيضا يدلّ على أنهم كانوا في السماء ، وأنّ إبليس لم يكن إذ ذاك ممنوعا عن السماء كالجن عن استراق السمع إلى المبعث ، فوسوس إبليس لهما وهو على القرب من باب الجنة ، أو ناداهما وهما على عرف الجنة.
__________________
(١) وهذا قول مرجوح ، والصحيح أنّ إبليس ليس من جنس الملائكة ، إذ الملائكة خلقت من نور ، وإبليس هو أبو الجن وهو مخلوق من نار ، كما قال تعالى حكاية عنه : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ).
(٢) محمد بن بحر الأصبهاني أبو مسلم ، صاحب التفسير. كان على مذهب المعتزلة وجيها عندهم ، صنف لهم التفسير على مذهبهم ، توفي سنة ٣٧٢ ه وهو ابن سبعين سنة.
(٣) وممن قال بهذا القول منذر بن سعيد البلوطي وابن يحيى وأبو القاسم البلخي. وقد استوفى القول على هذه المسألة ابن قيّم الجوزية في كتابه «مفتاح دار السعادة» فذكر حجج الفريقين ، وردّ هذا القول بأدلة كثيرة ، راجع «مفتاح دار السعادة» ١ / ١٢ ـ ٣٢.