وتحريه للوفاء به كأن كان الوعد. وذمّ اليهود المخاطبين باتخاذ العجل وإن لم يفعلوه لرضاهم بما فعلته أسلافهم.
وكذلك المنة بقوله : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ) ، كما قال الأخطل (١) لجرير :
٦٦ ـ ولقد سما لكم الهذيل فنالكم |
|
بإراب حيث يقسّم الأنفالا |
٦٧ ـ في فيلق يدعو الأراقم لم يكن |
|
فرسانه عزلا ولا أكفالا |
ولم يدرك جرير الهذيل ، وإنما كان ذلك يوما جاهليا لتغلب على تميم.
(وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). (٥٣)
ليس هو كالكلام المثنى الذي يفيد فائدة واحدة كقولهم : بعدا وسحقا ، ولكن كقوله : (إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)(٢).
وقيل : الفرقان : فرق الله بهم البحر.
وقيل : إنّه الفرج من الكرب ، كقوله : (يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً)(٣) ، أي : فرجا ومخرجا.
وقيل : الفرقان صفة الكتاب ، والواو زائدة كقول الشاعر :
__________________
(١) اسمه غياث بن غوث التغلبي ، شاعر أموي مشهور له مهاجاة مع جرير ، وكان نصرانيا لم يسلم وكان يجالس عبد الملك بن مروان. وقوله الفيلق : الكتيبة العظيمة ، والأكفال : الجبناء جمع كفل ، والأراقم : حيّ من تغلب. والبيتان في ديوان الأخطل ص ٣٩٠. والهذيل هو الهذيل بن هبيرة التغلبي ، وإراب : ماء في البادية ، يشير إلى غزوة قام بها الهذيل على بني رياح بن يربوع ، فسبا نساءهم وساق إبلهم. وهما أيضا في نقائض جرير والأخطل ص ٧٧.
(٢) سورة الحجر : آية ٢٥.
(٣) سورة الأنفال : آية ٢٩.