أحييناكم. وذلك أنّهم لمّا سمعوا كلام الله لموسى قالوا : ولكنّا لا نعلم أنّه كلام الله ، فليظهر لنا جهرة ، أي : عيانا ؛ لنشهد لك عند بني إسرائيل ، فأماتهم الله بالصاعقة ، ثم أحياهم إلى بقية آجالهم.
وقيل : إنهم سمعوا جرس الكلام ، ولم يفهمه إلا موسى ، ولم يطلع موسى عليه أحدا ؛ لقوله تعالى : (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) ، (١) أي : ناجيناه على خلوة.
والقرية التي أمروا بدخولها : بيت المقدس ، والباب باب القبة التي كان يصلي إليها موسى.
(سُجَّداً). (٢) (٥٨)
أي : ركّعا خضّعا كما قال :
٦٩ ـ فكلتاهما خرّت وأسجد رأسها |
|
كما سجدت نصرانة لم تحنّف (٣) |
وليس المراد السجود الشرعي ، وهو إلصاق الوجه بالأرض ؛ لأنّه يمتنع الدخول معه ، ولكن حالهم في طلب التوبة وحط الخطيئة توجب أن يدخلوه خاضعين.
(حِطَّةٌ). (٥٨)
أي : دخولنا الباب سجّدا حطة لذنوبنا.
والذي بدّلوه ـ إمّا قولا ، فإنهم قالوا : حنطة بدل حطة استهزاء ؛ وإمّا فعلا ، فإنهم دخلوا على أستاههم.
__________________
(١) سورة مريم : آية ٥٢.
(٢) قوله تعالى : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً). سورة البقرة : آية ٥٨.
(٣) البيت لأبي الأخزر الحماني ، وهو في شرح أبيات سيبويه للنحاس ص ١٧٨ ، واللسان مادة نصر ؛ وتفسير الطبري ١ / ٣١٨ ؛ وتفسير القرطبي ١ / ٤٣٣ ؛ وروح المعاني ١ / ٢٧٨ ؛ والبحر المحيط ١ / ٢٣٨. يصف ناقتين طأطأتا رؤوسهما من الإعياء ، فشبه رأس الناقة من تطأطئها برأس النصرانية إذا طأطأته في صلاتها.