الخطأ والنسيان مرفوعان من الإنسان ، فيكون (نَسِينا) بمعنى تركنا ، وأخطأنا بمعنى : خطئنا ، يقال : خطأ خطأ : إذا تعمّد الإثم ، وأخطأ : إذا لم يتصرر ، قال الله عزوجل : (لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ)(١) ، وقال : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ)(٢) ، فقوله : (أَخْطَأْنا) على وجهين : إمّا لأنه جاء خطئنا في موضع أخطأنا ، جاء أخطأنا في موضع خطئنا ، أو يكون أخطأنا : أتينا بخطأ ، وكقولك : أبدعت : إذا أتيت ببدعة.
قال النجاشي (٣) في أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه :
٢٣١ ـ فمرنا بما تهوى نجبك إلى الرضى |
|
بصمّ العوالي والصفيح المعتد |
٢٣٢ ـ فإن نأت ما تهوى فذاك نريده |
|
وإن نخط ما تهوى فغير تعمّد |
وقيل : على ظاهره على طريق التعبد والتضرع عند المسألة ، وإن كنا نعلم أنّ الله لا يؤاخذنا بالخطأ والنسيان كما جاء في الدعاء : (رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ)(٤) ، وكقوله تعالى : (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ)(٥).
(وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً).
__________________
(١) سورة الحاقة : آية ٣٧.
(٢) سورة الأحزاب : آية ٥.
(٣) النجاشي الحارثي واسمه قيس بن عمرو ، كان فاسقا رقيق الإسلام ، كان يفطر في رمضان فجلده سيدنا عليّ بن أبي طالب ثمانين جلدة ، وله مهاجاة مع ابن مقبل.
(٤) سورة الأنبياء : آية ١١٢.
(٥) سورة آل عمران : آية ١٩٤.