الحكم الواقعي والظاهري) هو الأحكام البعثية والزجرية وغيرهما. فلو فرضنا كون صلاة الجمعة محرمة في نفس الأمر وقامت الأمارة على وجوبها ، تصير صلاة الجمعة مهبطا لحكمين متضادين
ولا يخفى عليك : ان ما اشتهر بينهم من ان الأحكام متضادة بأسرها ، ليس له أساس صحيح ، وقد استوفينا بعض الكلام في ذلك عند البحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي ولكن نعيده هنا حذرا عن الإحالة
فنقول : انهم عرفوا الضدين بأنهما الأمران الوجوديان غير المتضايفين ، المتعاقبان على موضوع واحد ، لا يتصور اجتماعهما فيه بينهما غاية الخلاف ، و (عليه) فما لا وجود له لا ضدية بينه وبين شيء آخر ، كما لا ضدية بين أشياء لا وجود لهما كالاعتباريات التي ليس لها وجود الا في وعاء الاعتبار.
وعلى هذا التعريف لا ضدية أيضا بين أشياء لا حلول لها في موضوع ولا قيام لهما به قيام حلول وعروض
إذا عرفت هذا : فاعلم : ان الإنشائيات كلها من الأمور الاعتبارية لا تحقق لها الا في وعاء الاعتبار ، فان دلالة الألفاظ المنشأ بها على معانيها انما هي بالمواضعة والوضع الاعتباريين. فلا يعقل ان يوجد بها معنى حقيقي تكويني أصيل ، فهيئة الأمر والنهي وضعت للبعث والزجر الاعتباريين في مقابل البعث والزجر التكوينيين ، فقول القائل : صلّ ، مستعمل في إيجاد البعث والحث والتحريك الاعتباري ، فالعلة اعتباري والمعلول مثله ، وما ربما يقال من ان الإنشاء قول قصد به ثبوت المعنى في نفس الأمر يراد به ان نفس الإنشاء يكون منشئا للمعنى في وعاء الاعتبار ، بحيث يكون الألفاظ التي بها يقع الإنشاء كهيئتي الأمر والنهي ، مصاديق ذاتية للفظ ، وعرضية للمعنى المنشأ لا انهما علل المعاني المنشأة فان العلية والمعلولية الحقيقيّتين لا يعقل بينهما
وان شئت قلت : ان التكلم بصيغة الأمر ، بما هو تكلم وصوت معتمد علي مقطع الفم امر تكويني من مراتب التكوين ، واما جعل هذا التكلم دليلا علي