تواطئهم على ذلك كان لتوهم الملازمة العادية بين إجماع المرءوسين ورضاء الرئيس مجال ، واما إذا اتفق الاتفاق بلا تواطؤ منهم فهو مما لا يلازم عادة رضاء الرئيس ولا يمكن دعوى الملازمة ، فضعيف جدا ، لأن إنكار الملازمة في صورة التواطؤ أولى واقرب من الإجماع بلا تواطؤ ، فان الاتفاق مع عدم الرابط بينهما يكشف عن وجود ملاك له من نصّ أو غيره ، واما الاتفاق مع التواطؤ فيحتمل ان يكون معلل بأمر غير ما هو الواقع. فلو ادعى القائل بحجية الإجماع المنقول انه كاشف عن الدليل المعتبر الّذي لم تعثر عليه أو عن رضاه فلا يعد امرا غريبا
هذا ولكنه موهون من جهة أخرى فان من البعيد جدا ان يقف الكليني أو الصدوق أو الشيخ ومن بعده على رواية متقنة دالة على المقصود ، ومع ذلك تركوا نقلها والأولى ان يقال ان الشهرة الفتوائية عند قدماء الأصحاب يكشف عن كون الحكم مشهورا في زمن الأئمة ، بحيث صار الحكم في الاشتهار بمنزلة أوجبت عدم الاحتياج إلى السؤال عنهم عليهمالسلام كما نشاهده في بعض المسائل الفقهية وبالجملة ان اشتهار حكم بين الأصحاب يكشف عن ثبوت الحكم في الشريعة المطهرة ومعروفيته من لدن عصر الأئمة عليهمالسلام
الشهرة الفتوائية
لا إشكال في عدم حجية الشهرة الفتوائية في التفريعات الفقهية الدائرة بين المتأخرين من زمن شيخ الطائفة إلى زماننا هذا وما استدلوا به على حجيتها من التمسك بفحوى أدلة حجية الخبر الواحد أو تنقيح المناط ، أو تعليل آية النبأ أو دلالة المقبولة أو تعليلها ، لا يخلو من ضعف غني عن البيان ، وانما الكلام في الشهرة المتقدمة على الشيخ أعني الشهرة الدائرة بين قدماء أصحابنا الذين كان ديدنهم التحفظ على الأصول والإفتاء بمتون الرواية ، إلى ان ينتهى الأمر إلى أصحاب الفتوى والاجتهاد ، فالظاهر وجود مناط الإجماع فيه وكونه موجبا للحدس القطعي على وجود نصّ معتبر دائر بينهم أو معروفية الحكم من لدن عصر الأئمة كما أشرنا إليه