ويحتمل اتحاد الثانية والثالثة من الروايتين لقرب ألفاظهما وعدم اختلافهما الا في تنكير الحلال والحرام وتعريفهما ويحتمل اتحاد الأولى مع الثانية أيضا لكون الراوي في الثانية انما هو عبد الله بن سنان عن عبد الله بن سليمان فمن الممكن انه نقله تارة مع الواسطة وأخرى مع حذفها وليس ببعيد مع ملاحظة الروايات الا انا نتكلم فيها على كل تقدير
فنقول : ان في تلك الروايات احتمالات الأول : اختصاصها بالشبهة البدئية بان يقال : ان كل طبيعة فيه الحرام والحلال وينقسم إليهما تقسيما فعليا واشتبه فرد منها من انه من أي القسمين فهو لك حلال. ولكنك خبير بأنه أردى الاحتمالات لأن التعبير عن الشبهة البدئية بهذه العبارة بعيد غايته مع إمكان ان يقول كل ما شككت فهو لك حلال أو الناس في سعة ما لا يعلمون.
الثاني : اختصاصها بالعلم الإجمالي فقط فان الظاهر ان قوله كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال ، ان ما فيه الحلال والحرام حلال بحسب الشبهة الموضوعية كما هو مورد الثانية والثالثة ، ولا يبعد ان يكون مورد الصحيحة هو الموضوعية ، أيضا فيصدق قوله فيه الحلال والحرام على المال المختلف فإذا كان عنده خمسون دينارا بعضها معلوم الحرمة وبعضها معلوم الحلية يقال انه شيء فيه حلال وحرام ، والظاهر من قوله فهو لك حلال ، وان ما فيه الحلال والحرام لك حلال (فحينئذ) فالغاية هي العلم التفصيلي وهذا اقرب الاحتمالات.
الثالث : كونها أعم من العلم الإجمالي والشبهة البدئية بان يقال : ان كل طبيعة فيه حلال معين وحرام معين ، وفرد مشتبه ، فالمشتبه لك حلال حتى تعرف الحرام ، وان شئت قلت : إذا علم تفصيلا حرمة بعض افراد الطبيعة ، وعلم حلية بعض آخر وشك في ثالث فيقال : ان الماهية الكذائية التي فيها حلال وحرام فهي حلال مع الشبهة حتى تعرف الحرام ، ولكن إدخال هذا الفرد يحتاج إلى تكلف خارج عن محور المخاطبة وعلى أي فرض فلا محيص في الاحتمالين الأخيرين إلّا بجعل الغاية علما تفصيليا ، لا لكون مادة المعرفة ظاهرة في مقام التشخيص في المميزات الشخصية التي لا تنطبق الا على