وثانيا انه لو صح ما ذكر ، من ان الأحكام مجعولة على موضوعاتها من أول الأمر ، بجميع قيوده ، لما جاز التمسك بالإطلاق والعموم ، فان مبنى التمسك ، هو ان الحكم مجعولة على الماهية المجردة وان الإرادة الاستعمالية مطابقة للإرادة الجدية الا ما قام الدليل على خلافه ، فلو كان اللازم إنشاء الحكم على موضوعه بعامة قيوده ، لما صار للتمسك بأصالة الإطلاق معنى فان الإطلاق متقوم بان الواقع تحت دائرة الحكم هو تمام الموضوع للحكم ، ومثله أصالة العموم ، فانها متقومة بظهور الكلام في كون الحكم على العموم ، وان التخصيص كالتقييد امر خارجي لا يتصرف في اللفظ بل يكشف عن ضيق الإرادة الجدية
والحاصل ، ان ملاحظة تقنين القوانين العرفية كافية في إثبات ما قلناه ، فان الدائر بينهم هو وضع الأحكام أولا بنحو العموم والإطلاق ، ثم بيان مخصصاتها ومقيداتها منفصلا عنها ، من دون أخذ ما هو الملاك بحسب الإرادة الجدية في موضوع الأحكام من أول الأمر ، وأنت إذا تدبرت تعرف ان هذا الجواب سيال في موارد الأمارات والأصول إذا كانت مخالفة للواقع
المحذور الرابع : «محذور التدافع بين ملاكات الأحكام»
وهذا المحذور أعني ما يرجع إلى التدافع بين ملاكات الأحكام كاجتماع المصلحة والمفسدة الملزمتين بلا كسر وانكسار ، أول المحاذير : فقد ظهر الجواب عنه مما تقدم ومحصله أرجحية ملاكات تجويز العمل على طبق الأمارات والأصول من العمل بالاحتياط للتحفظ على الواقع. وقد ظهر مما تقدم عدم اجتماع الملاكين في موضوع واحد على ما سبق من لزوم المفاسد الخارجية أو السياسية لو ألزم العمل بالاحتياط
جولة فيما ذكر من الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري
ثم ان الاعلام قد مالوا يمينا ويسارا في هذا الباب ، فكل اختار مهربا للجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية ، فلا بأس بالإشارة إلى بعضها فنقول :
قد ذكر بعض أعاظم العصر جوابا لتخلف الطرق والأمارات ، وجوابا آخر ،