هذا تمام الكلام في توضيح هذا الأصل وقد عرفت ان المهم في المقام رفع غائلة الإشكال السيال وهو بعد باق بحاله ، ثم انا قد ذيلنا البحث في الدورة السابقة بالبحث عن التفصيل الظاهر من بعض الأساطين بين الطهارة والحلية وأردفناه بنقل بعض التوجيهات المنقولة عن شارح الروضة ، وعن بعض الأعاظم (قدسسره) وما فيه ، ولكن الأولى عطف عنان البحث إلى بقية التنبيهات
التنبيه الثاني
لا إشكال في حسن الاحتياط ومحبوبيته عند العقل المدرك لحسن الأشياء وقبحها من غير فرق بين العبادات وغيرها ضرورة اتحاد الملاك فيهما.
(نعم) ربما يقال بعدم إمكان الاحتياط في العبادات بوجهين (الأول) : ما أفاده الشيخ رحمهالله من ان العبادة لا بد فيها من نية القربة المتوقفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا أو إجمالا ، مع انه لا علم في الشبهات البدئية فلا يمكن الاحتياط.
وان شئت قلت : انه يشترط في صدور الشيء عن الشخص على وجه العبادة ، هو إتيانها متقربا إلى الله على وجه القطع واليقين ، فان قصد الأمر والانبعاث عن بعث المولى ، وان لم نقل بشرطيته ، إلّا انه لا مناص عن القول بان عبادية الشيء يتقوم بإتيانه متقربا إليه تعالى ، وهو لا يحصل إلّا بالجزم بأنه عبادة وبعبارة أوضح : ان العبادة متقومة بقصد التقرب ، وفي الشبهات البدئية اما ان يقصد ذات الشيء بلا قصد التقرب ، أو ذات الشيء مع قصد التقرب ، أو ذات الشيء مع احتمال التقرب ، والأول خلف ، والثاني ممتنع لأن القصد الحقيقي لا يتعلق بالأمر المجهول المشكوك فيه ، والثالث غير مفيد لأن الإتيان باحتمال التقرب غير الإتيان بقصده ، والّذي يعتبر فيها قصده لا احتماله.
والجواب : ان ذلك يرجع إلى اعتبار الجزم في النية ولا دليل على اعتباره لا من العقل ولا من النقل ، (اما الأول) فلأنه لا يعقل ان يتجاوزه الأمر عما تعلق به ويبعث إلى غير ما تعلق به ، والمفروض ان ما وقع تحت دائرة الطلب ليس إلّا ذات العمل ونفس الفعل فشرطية امر آخر يحتاج إلى دليل و (اما الثاني) فالدليل الوحيد هو