فكل مشتبه مأذون فيه أتى المكلف بالآخر أو تركه ، وانما يقع التزاحم بين إطلاقهما لا أصلهما فان الترخيص في كل واحد منهما في حال ترك الآخر مما لا مانع منه ، فالمخالفة العملية انما نشأت من إطلاق الحجية فلا بد من رفع اليد عن إطلاقهما لا أصلهما ، فتصير النتيجة الاذن في كل واحد مشروطا بترك الآخر ، وهذا مساوق للترخيص التخييري ، وهذا نظير باب التزاحم وحجية الأمارات على السببية و (فيه) ما قد عرفت ان ما يصح الاعتماد به من الأدلة انما هو صحيحة عبد الله بن سنان ، واما الباقي فقد عرفت فيه الضعف في السند أو في الدلالة ، واما الصحيحة فقد تقدم ان الموضوع فيها غير الموضوع في قوله عليهالسلام كل شيء حلال حتى تعلم انه حرام بعينه فان الموضوع في الثاني انما هو كل فرد فرد أو كل جزء جزء فيقال في الحرام المختلط بالحلال بحلية كل جزء فلو صح ما ذكر من التقريب لصح تقييده بما ذكر من ترك الآخر ، واما الصحيحة فما هو الموضوع ليس الا كون الشيء فيه الحلال والحرام بالفعل وهو ليس إلا مجموع المختلط ، والضمير في قوله (منه) راجع إلى الشيء المقيد بان فيه الحلال والحرام و (بالجملة) فالموضوع في غير الصحيحة هو كل جزء جزء مستقلا ، واما فيها فليس كل جزء محكوما بالحلية بالاستقلال بل الموضوع هو نفس المجموع بما هو هو ، فلو صح الإطلاق فيها فلا بدّ ان يكون مصبه ما هو الموضوع بان يقال ان هذا المختلط محكوم بالحلية سواء كان المختلط الآخر محكوما بها أولا فلو قيد بحكم العقل يصير نتيجة التقييد هو حلية هذا المختلط عند ترك المختلط الآخر وهو خلاف المطلوب ، ولا يصح ان يقال : ان هذا الجزء محكوم بالحلية سواء كان الجزء الآخر محكوما أولا حتى يصير نتيجة التقييد بحكم العقل ما ادعى من جواز ارتكاب هذا الجزء عند ترك الآخر ، لأن الجزء ليس محكوما بحكم حتى يقع مصب الإطلاق والتقييد ولو صح جريان الصحيحة في الإناءين المشتبهين ، فالمحكوم بالحلية انما هو الكل ، لا كل واحد منهما ، حتى يؤخذ بإطلاقه الأحوالي ويقيد بمقدار ما دل عليه حكم العقل مضافا إلى ان في إطلاق الأدلة بنحو ما ذكر كلاما وإشكالا وإشكالا