تضمن هذا المثل : ناعقا ، أي مصوتا بالغنم وغيرها ، ومنعوقا به. وهو الدواب.
فقيل : الناعق العابد ، وهو الداعي للصنم ، والصنم : هو المنعوق به المدعو ، وأن حال الكافر في دعائه كحال من ينعق بما لا يسمعه. هذا قول طائفة. منهم عبد الرحمن بن زيد (١) وغيره.
واستشكل صاحب الكشاف وجماعة معه هذا القول ، وقالوا قوله : (إِلَّا دُعاءً وَنِداءً) لا يساعد عليه. لأن الأصنام لا تسمع دعاء ولا نداء.
وقد أجيب عن هذا الاستشكال بثلاثة أجوبة.
أحدها : أن «إلّا» زائدة. والمعنى بما لا يسمع دعاء ونداء.
قالوا : وقد ذكر ذلك الأصمعي في قول الشاعر :
حراجيج ما تنفك إلا مناخة
أي ما تنفك مناخة. وهذا جواب فاسد. فإن «إلا» لا تزاد في الكلام المثبت.
الجواب الثاني : أن التشبيه وقع في مطلق الدعاء ، لا في خصوصيات المدعو.
الجواب الثالث : أن المعنى : أن مثل هؤلاء في دعائهم آلهتهم التي لا تفقه دعاءهم كمثل الناعق بغنمه فلا ينتفع من نعيقه بشيء ، غير أنه هو في دعاء ونداء. وكذلك المشرك ليس من دعائه وعبادته وليه الميت إلا العناء.
وقيل : المعنى : ومثل الذين كفروا كالبهائم التي لا تفقه مما يقول الراعي أكثر من الصوت. فإن الراعي هو داعي الكفار ، والكفار هم البهائم المنعوق بها.
__________________
(١) هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي العمري مولاهم المدني روي عن أبيه وجماعة وهو ضعيف كثير الحديث توفي سنة اثنتين وثمانية ومائة. (انظر شذرات الذهب).