والصنم مثل العبد الذي هو كلّ على مولاه ، أينما يوجهه لا يأت بخير.
والمقصود : أن قوله تعالى (قائِماً بِالْقِسْطِ) : : هو كقوله : (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وقوله : (قائِماً بِالْقِسْطِ) : نصب على الحال. وفيه وجهان.
أحدهما : أنه حال من الفاعل في «شهد الله» والعامل فيه معنى الفعل. والمعنى على هذا على هذا : شهد الله حال قيامه بالقسط : أنه لا إله إلا هو.
والثاني : أنه حال من قوله : «هو» والعامل فيها معنى النفي ، أي لا إله إلا هو حال كونه قائما بالقسط.
وبين التقديرين فرق ظاهر. فإن التقدير الأول يتضمن أن المعنى : شهد الله متكلما بالعدل به ، آمرا به ، فاعلا له ، مجازيا عليه : أنه لا إله إلا هو. فإن العدل يكون في القول والفعل ، و «المقسط» هو العادل في قوله وفعله. فشهد الله قائما بالعدل قولا وفعلا : أنه لا إله إلا هو. وفي ذلك تحقيق لكون هذه الشهادة شهادة عدل وقسط. وهي أعدل شهادة ، كما أن المشهود به أعدل الشيء ، وأصحه وأحقه.
وذكر ابن السائب وغيره في سبب نزول الآية : ما يشهد بذلك. وهو «أن حبرين من أحبار الشام قدما على النبي صلىاللهعليهوسلم. فلما أبصرا المدينة ، قال أحدهما لصاحبه : ما أشبه هذه المدينة بمدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان. فلما دخلا على النبي صلىاللهعليهوسلم قالا له : أنت محمد؟ قال : نعم قالا : وأحمد؟ قال : نعم. قالا : نسألك عن شهادة. فإن أخبرتنا بها آمنا بك. قال سلاني. قالا : أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله فنزلت : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) الآية».