الذي يفعل بقدرته ، ومشيئته وحكمته. وهو الموصوف بالصفات والأفعال ، المسمى بالأسماء التي قامت به حقائقها ومعانيها. وهذا لا يثبته على الحقيقة إلا أتباع الرسل ، وهم أهل العدل والتوحيد على الحقيقة.
فصل
فالجهمية والمعتزلة تزعم أن ذاته لا تحب. ووجهه لا يراد ، ولا يلتذ بالنظر إليه ، ولا تشتاق القلوب إليه ، فهم في الحقيقة منكرون لإلهيته.
والقدرية : تنكر دخول أفعال الملائكة والجن والإنس وسائر الحيوان تحت قدرته ومشيئته وخلقه. فهم منكرون في الحقيقة لكمال عزته وملكه.
والجبرية : تنكر حكمته ، وأن يكون له في أفعاله وأوامره غاية يفعل ويأمر لأجلها. فهم منكرون في الحقيقة لحكمته وحمده.
وأتباع ابن سينا والنصير الطوسي وفروخهما : ينكرون أن يكون ربهم ماهية غير الوجود المطلق ، وأن يكون له وصف ثبوتي زائد على ماهية الوجود. فهم في الحقيقة منكرون لذات ربنا وصفاته وأفعاله ، لا يتحاشون من ذلك.
والاتحادية : أدهى وأمرّ. فإنهم رفعوا القواعد من الأصل ، وقالوا : ما ثم وجود خالق ووجود مخلوق ، بل الخلق المشبّه هو عين الحق المنزه ، كل ذلك من عين واحدة ، بل هو العين الواحدة.
فهذه الشهادة العظيمة : كل هؤلاء هم بها غير قائمين. وهي متضمنة لإبطال ما هم عليه ورده ، كما تضمنت إبطال ما عليه المشركون ورده. وهي مبطلة لقول طائفتي الشرك والتعطيل. ولا يقوم بهذه الشهادة إلا أهل التوحيد والإثبات الذين يثبتون لله ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات ، وينفون عنه مماثلة المخلوقات ، ويعبدونه وحده لا يشركون به شيئا.