الْمُرْسَلِينَ) وقوله ٦٣ : ٢ (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) وقوله ٤٨ : ٢٩ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ).
فهذا كله شهادة منه لرسوله. قد أظهرها وبينها ، وبين صحتها غاية البيان ، بحيث قطع العذر بينه وبين عباده. وأقام الحجة عليهم.
فكونه سبحانه شاهدا لرسوله معلوم بسائر أنواع الأدلة : عقليّها ، ونقليّها ، وفطريها ، وضروريها ، ونظريها.
ومن نظر في ذلك وتأمله علم أن الله سبحانه شهد لرسوله أصدق الشهادة وأعدلها وأظهرها ، وصدقه بسائر التصديق : بقوله الذي أقام به البراهين على صدقه فيه ، وبفعله وإقراره ، وبما فطر عليه عباده ، من الإقرار بكماله ، وتنزيهه عن القبائح ، وعما لا يليق به. وكل وقت يحدث من الآيات الدالة على صدق رسوله ما يقيم به الحجة ، ويزيل به العذر ، ويحكم له ولأتباعه بما وعدهم به من العز والنجاة ، والظفر والتأييد. ويحكم على أعدائه ومكذبيه بما توعدهم به من الخزي والنكال ، والعقوبات المعجلة ، الدالة على تحقيق العقوبات المؤجلة ٤٨ : ٢٨ (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ. وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) فيظهره ظهورين : ظهورا بالحجة والبيان والدلالة ، وظهورا بالنظر والغلبة والتأييد ، حتى يظهر على مخالفيه ويكون منصورا.
وقوله ٤ : ١٦٦ (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ ، أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ، وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ) فما فيه من الخبر عن علم الله الذي لا يعلمه غيره من أعظم الشهادة بأنه هو الذي أنزله ، كما قال في الآية الأخرى ١١ : ١٣ : ١٤ (أَمْ يَقُولُونَ : افْتَراهُ. قُلْ : فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ. وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ ، وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ. فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
وليس المراد مجرد الإخبار بأنه أنزله ، وأنه معلوم له ، كما يعلم سائر