الاشتمال. لأن الإسلام يشتمل على التوحيد.
فإن قيل : فكان ينبغي ـ على هذه القراءة ـ أن يقول : إن الدين عند الله الإسلام. لأن المعنى : شهد الله أن الدين عنده الإسلام. فلم عدل إلى لفظ الظاهر؟
قيل : هذا يرجح قراءة الجمهور ، وأنها أفصح وأحسن. ولكن يجوز إقامة الظاهر مقام المضمر. وقد ورد في القرآن ، وكلام العرب كثيرا.
قال الله تعالى : ٢ : ١٩٦ (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) وقال ٢ : ٢٣٥ (اتَّقُوا اللهَ* وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) وقال تعالى : ٧ : ١٧٠ (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ. إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ).
قال ابن عباس : افتخر المشركون بآبائهم ، فقال كل فريق : لا دين إلا دين آبائنا وما كانوا عليه ، فأكذبهم الله تعالى فقال : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) يعني الذي جاء به محمد ، وهو دين الأنبياء من أولهم إلى آخرهم ليس الله دين سواه ٣ : ٨٥ (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ).
وقد دل قوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) على أنه دين أنبيائه ورسله وأتباعهم من أولهم إلى آخرهم ، وأنه لم يكن لله قط ولا يكون له دين سواه. قال أول الرسل نوح (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) وقال إبراهيم وإسماعيل (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) ٢ : ١٣٢ (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ : يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) وقال يعقوب لبنيه عند الموت (ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي؟ قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ) ـ إلى قوله ـ (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) وقال موسى لقومه (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) وقال تعالى : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ