فعل واحد. وقال : ٣٣ : ٥٦ (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) وهذه الصلاة لا يجوز أن تكون هي الرحمة. وإنما هي ثناؤه سبحانه وثناء ملائكته عليه.
ولا يقال : الصلاة لفظ مشترك ، ويجوز أن يستعمل في معنييه معا. لأن في ذلك ، محاذير متعددة.
أحدها : أن الاشتراك خلاف الأصل ، بل لا يعلم أنه وقع في اللغة من واضع واحد ، كما نص على ذلك أئمة اللغة : منهم المبرد وغيره. وإنما يقع وقوعا عارضا اتفاقيا ، بسبب تعدد الواضعين. ثم تختلط اللغة فيعرض الاشتراك.
الثاني : أن الأكثرين لا يجوزون استعمال اللفظ المشترك في معنييه ، لا بطريق الحقيقة ، ولا بطريق المجاز وما حكي عن الشافعي من تجويزه ذلك فليس بصحيح عنه. وإنما أخذ من قوله : إذا أوصى لمواليه ، وله موال من فوق ومن أسفل تناول جميعهم. فظن من ظن أن لفظ المولى مشترك بينهما ، وأنه عند التجرد يحمل عليهما. وهذا ليس بصحيح. فإن لفظ المولى من الألفاظ المتواطئة فالشافعي وأحمد في ظاهر مذهبه يقولان بدخول نوعي الموالي في هذا اللفظ. وهو عنده عام متواطئ لا مشترك.
وأما ما حكى عن الشافعي أنه قال في مفاوضة جرت له في قوله : ٥ : ٦ (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) قد قيل له : وقد يراد بالملامسة الجامعة. فقال : هي محمولة على الجس باليد حقيقة وعلى الوقاع مجازا فهذا لا يصح عن الشافعي ، ولا هو من جنس المألوف من كلامه. وإنما هذا من كلام بعض الفقهاء المتأخرين. وقد ذكرنا على إبطال استعمال اللفظ المشترك في معنييه معا في بضعة عشر دليلا في مسألة القرء من كتاب التعليق على الأحكام.