وهم المشركون عن القول الثابت. فأضل هؤلاء بعدله لظلمهم ، وثبت المؤمنين بفضله لإيمانهم.
قول الله تعالى ذكره : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ (٢٧))
تحت هذه الآية كنز عظيم ، من وفّق لمعرفته وحسن استخراجه واقتنائه وأنفق منه فقد غنم ، ومن حرمه فقد حرم.
وذلك أن العبد لا يستغني عن تثبيت الله له طرفة عين. فإن لم يثبته الله ، وإلا زالت سماء إيمانه وأرضه عن مكانهما. وقد قال تعالى لأكرم خلقه عليه عبده ورسوله ١٧ : ٧٤ (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) وقال تعالى لأكرم خلقه ٨ : ١٢ (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) وفي الصحيحين من حديث البجلي قال : «وهو يسألهم ويثبتهم» وقال تعالى لرسوله : ١١ : ١٢٠ (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ).
والخلق كلهم قسمان : موفق بالتثبيت ، ومخذول بترك التثبيت.
ومادة التثبيت أصله ومنشؤه من القول الثابت ، وفعل ما أمر به العبد. فبهما يثبت الله عبده. فكل من كان أثبت قولا وأحسن فعلا كان أعظم تثبيتا قال تعالى : ٤ : ٦٦ (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً).
فأثبت الناس قلبا : أثبتهم قولا.
والقول الثابت : هو القول الحق الصدق. وهو ضد القول الباطل الكذب.
فالقول نوعان : ثابت له حقيقة ، وباطل لا حقيقة له.
وأثبت القول : كلمة التوحيد ولوازمها. فهي أعظم ما يثبت الله بها