والمعنى : هل يرضي أحد منكم أن يكون عبده شريكه في ماله وأهله ، حتى يساويه في التصرف في ذلك؟ فهو يخاف أن ينفرد في ماله بأمر يتصرف فيه ، كما يخاف غيره من الشركاء والأحرار؟ فإذا لم ترضوا ذلك لأنفسكم ، فلم عدلتم بي من خلقي من هو مملوك لي؟ فإن كان هذا الحكم باطلا في فطركم وعقولكم ، مع أنه جائز عليكم ، ممكن في حقكم ، إذ ليس عبيدكم ملكا لكم حقيقة ، وإنما هم إخوانكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، وأنتم وهم عباد لي ، فكيف تستجيزون مثل هذا الحكم في حقي؟ مع أن جعلتموهم بي شركاء عبيدي وملكي وخلقي؟ فهكذا يكون تفصيل الآيات لأولي العقول.
قول الله تعالى ذكره :
(ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١))
قال مجاهد : إذا ولي الظالم أساء بالظلم والفساد ، فيحبس بذلك القطر ، ويهلك الحرث والنسل. والله لا يحب الفساد. ثم قرأ (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ثم قال : أما والله ما هو بحركم هذا ، ولكن كل قرية على ماء جار ، فهو بحر ، وقال عكرمة : ظهر الفساد في البر والبحر ، أما إني لا أقول لكم : بحركم هذا ، ولكن كل قرية على ماء.
وقال قتادة : أما البر : فأهل العمور ، وأما البحر : فأهل القرى والريف.
قلت : وقد سمى الله تعالى الماء العذب بحرا ، فقال : ٢٥ : ٥٣ (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) وليس في العالم بحر حلو واقفا ، إنما هي الأنهار الجارية والبحر المالح والساكن. وتسمى القرى التي على المياه الجارية باسم تلك المياه.