وقوله : إن «الأبواب» بدل اشتمال. فبدل الاشتمال قد صرح هو وغيره : أنه لا بد فيه من الضمير. وإن نازعهم فيه آخرون ، ولكن يجوز أن يكون الضمير ملفوظا به. وأن يكون مقدرا. وهاهنا لم يلفظ به. فلا بد من تقدير ، أي الأبواب منها. فإذا كان التقدير : مفتحة لهم هي الأبواب منها : كان فيه تكثير للاضمار وتقليله أولى.
قول الله تعالى ذكره :
(خَلَقْتُ بِيَدَيَّ (٧٥))
إن لفظ اليد جاء في القرآن على ثلاثة أنواع. مفردا ، ومثنى ، ومجموعا.
فالمفرد : كقوله : ٦٨ : ١ (بِيَدِهِ الْمُلْكُ) والمثنى كقوله : (خَلَقْتُ بِيَدَيَ) والمجموع كقوله : (عَمِلَتْ أَيْدِينا).
فحيث ذكر اليد مثناة. أضاف الفعل إلى نفسه بضمير الإفراد ، وعدى الفعلى بالباء إليهما ، وقال : (خَلَقْتُ بِيَدَيَ).
وحيث ذكرها مجموعة أضاف الفعل إليها ، ولم يعدّ الفعل بالباء.
فهذه ثلاثة فروق : فلا يحتمل «خلقت بيدي» من المجاز ما يحتمله (عَمِلَتْ أَيْدِينا) فإن كل أحد يفهم من قوله : (عَمِلَتْ أَيْدِينا) ما يفهمه من قوله : عملنا وخلقنا ، كما يفهم ذلك من قوله : (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) وأما قوله : (خَلَقْتُ بِيَدَيَ) فلو كان المراد منه مجرد الفعل لم يكن لذكر اليد بعد نسبة الفعل إلى الفاعل معنى فكيف وقد دخلت عليها الباء؟ فكيف إذا ثنيت؟
وسرّ الفرق ؛ أن الفعل قد يضاف إلى يد ذي اليد ، والمراد الإضافة إليه. كقوله : (بِما قَدَّمَتْ يَداكَ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) وأما إذا أضيف إليه الفعل ، ثم عدي بالباء إلى اليد مفردة أو مثناة ، فهو مما باشرته يده.