قال أبو إسحاق : وفي هذه الآية دليل على أن الجني يغشى كما أن الإنسي يغشى.
ويدل على أنهن الحور اللاتي خلقن في الجنة : أنه سبحانه جعلهن مما أعده الله في الجنة لأهلها ، من الفواكه والثمار والأنهار والملابس وغيرها.
ويدل عليه أيضا الآية التي بعدها ، وهي قوله تعالى : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) ثم قال : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) قال الامام أحمد : والحور العين لا يمتن عند النفخ في الصور ، لأنهن خلقهن للبقاء.
وفي الآية دليل لما ذهب إليه الجمهور : أن مؤمني الجن في الجنة ، كما أن كافرهم في النار. وبوب عليه البخاري في صحيحه فقال «باب ثواب الجن وعقابهم» ونص عليه غير واحد من السلف. قال ضمرة بن حبيب ـ وقد سئل : هل للجن ثواب؟ فقال : نعم. وقرأ هذه الآية. ثم قال : الإنسيات للانس ، والجنيات للجن. وقال مجاهد في هذه الآية : إذا جامع الرجل ولم يسمّ انطوى الجان على إحليله فجامع معه.
والضمير في قوله : «قبلهم» للمعنيين بقوله «متكئين» وهم أزواج هؤلاء النسوة.
وقوله : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) ، قال الحسن وعامة المفسرين : أراد صفاء الياقوت في بياض المرجان ، شبههن في صفاء اللون وبياضه بالياقوت والمرجان ، ويدل عليه ما قاله عبد الله «إن المرأة من نساء أهل الجنة لتلبس عليها سبعين حلة من حرير ، فيرى بياض ساقيها من ورائهن ، ذلك بأن الله يقول : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) ألا وإن الياقوت حجر ، لو جعلت فيه سلكا ثم استصفيته لنظرت إلى السلك من وراء الحجر».