وضلع الدين ، وقهر الرجال : قرينان. وهما مؤلمان للنفس معذبان لها. أحدهما : قهر بحق ، وهو ضلع الدين. والثاني : قهر بباطل ، وهو غلبة الرجال.
وأيضا : فضلع الدين. قهر بسبب من العبد في الغالب. وغلبة الرجال قهر بغير اختياره.
ومن ذلك تعوذه صلىاللهعليهوسلم «من المأثم والمغرم» فإنهما يسببان الألم العاجل.
ومن ذلك قوله : «أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك» فالسخط : سبب الألم ، والعقوبة : هي الألم ، فاستعاذ من أعظم الآلام وأقوى أسبابها.
فصل
والشر المستعاذ منه نوعان.
أحدهما : موجود ، يطلب رفعه. والثاني : معدوم ، يطلب بقاؤه على العدم ، وأن لا يوجد. كما أن الخير المطلق نوعان. أحدهما : موجود فيطلب دوامه وثباته وأن لا يسلبه. والثاني : معدوم فيطلب وجوده وحصوله. فهذه أربعة هي أمهات مطالب السائلين من رب العالمين. وعليها مدار طلباتهم.
وقد جاءت هذه المطالب الأربعة في قوله تعالى حكاية عن دعاء عباده في آخر آل عمران في قولهم : (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ : أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ. فَآمَنَّا ، رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا ، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا) فهذا الطلب لدفع الشر الموجود. فإن الذنوب والسيئات شر ، كما تقدم بيانه. ثم قال : (وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) فهذا طلب لدوام الخير الموجود وهو الإيمان حتى يتوفاهم عليه. فهذان قسمان.